الأعظم تأثيرًا
الأعظم تأثيرًا
قد يقرأ الإنسان كل ما يقع تحت يده حتى تختلط المعاني بداخله فينسج جديدًا على غير منوال ولا يستطيع أحد الإشارة إلى منتوجه بأنه نابع عن تقليد فلان أو الإعجاب بإنتاج فلان، غير أنه أحيانًا ما يشعر بميل خفيٍ ناحية بعضهم فيعيد قراءة ما كتبوا فيكونوا أكثر تأثيرًا من غيرهم، وأول هؤلاء محمد فريد وجدي صاحب الأسلوب الفريد وبخاصة في المواضيع الدينية، كان رئيس تحرير مجلة “الأزهر” فترة وجود المؤلف في الأزهر ولم يفته منها عدد واحد، وكانت ثقافته توحي بكثيرٍ من الأفكار الجديدة والعلم الكثير، وقد رأس تحرير مجلة “الأزهر” 20 عامًا وكانت تصدر شهريًّا وكان يكتب في العدد الواحد ثلاث مقالات وأكثر، فأخذ المؤلف على عاتقه جمع ما كان اتجاهه مشتركًا منها وتقديمها للقارئ مشفوعة ببحوث تحليلية، وقد كان.
وأيضًا من الذين تأثر بهم المؤلف الشاعر والناثر عبد الرحمن شكري الذي كتب عنه المؤلف مقالات في حياته صادفت ارتياحه، كما أذن له بجمع ما استطاع من شعره ونثره ونشَره؛ فنشر مجموعتين أدبيتين من آثاره ونشر ديوانه الكبير بالاشتراك مع آخر، وقد كان شكري واسع الاطلاع على آداب اللغتين العربية والإنجليزية وما يترجم إليها من اللغات الأخرى، كما كان صادق المطالعة نافذ الفطنة حسن التخيُّل سريع التمييز بين أنواع الكلام، حاز ملك النقد على أوفاها بسبب كثرة اطلاعه، فيستطيع التمييز بين الجيد والرديء بنظرة واحدة، فلا يكلفه نقد الأدب غير نظرة واحدة في الصفحة أو الصفحات يلقي بعدها بالكتاب ويكون وزَنَه وزنًا لا يتأتَّى لغيره في الجلسات الطوال، وهو وإن كانت آثاره قليلة فهي لا تغني عن الكثير، فقد كان ينفذ إلى عمق المعاني مما لا يصل إليه غيره، وكأن كثرة اتصاله بمشاعره دفعته إلى ملامسة مشاعر الآخرين، فأوقفنا على هذا الكنز الدفين.
ولا ينسى الكاتب تأثره بجبران خليل جبران، الرائد الأول لحركة التجديد الشعري المعاصر، وقد كان يقدره جدًّا ويسعى إلى لقائه، ولم يحدث هذا إلا بسعي من زكي مبارك في زمنٍ كان الشاعر فيه مريضًا ألقى فيه على مسامعه بعض شعره فاستحسنه الشاعر.
الفكرة من كتاب ظلال من حياتي
كان الدكتور محمد رجب البيومي – رحمه الله – صورة واقعية للمثقف المعتز بتراثه، فقد حقق توازنًا كبيرًا بين دراسته الأكاديمية في الأزهر الشريف، وما أنتجه من شعر وقصة ودراسات أدبية؛ فقد كان واحدًا من جيل الرواد الذين أثروا الحياة الأدبية المعاصرة بالعديد من إبداعاتهم ومؤلفاتهم..
هذه سيرة ذاتية كتبها المؤلف عن نفسه، وذكر فيها أحداث حياته منذ أن كان طفلًا وحتى صار كهلًا، ذاكرًا فيها أحوال عائلته وتعليمه وأصدقائه ومن أثر فيه من الكتاب والشعراء، وكيف استفاد منهم.
مؤلف كتاب ظلال من حياتي
محمد رجب البيومي: عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالمنصورة سابقًا، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، ورئيس تحرير مجلة الأزهر، وولد عام 1923 في الكفر الجديد بمدينة المنزلة بمحافظة الدقهلية، وحصل على الدكتوراه في الأدب والنقد.
كتب في مجلة الرسالة وكان صديقًا شخصيًّا لأحمد حسن الزيات والإمام عبد الحليم محمود، ومن مؤلفاته: “دمع الحصاد” في رثاء زوجته، و”النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين”، و”حديث القلم”. وحصل على جائزة شوقي بالمجلس الأعلى للآداب والفنون بمصر وعدة جوائز من مجمع اللغة العربية، وتُوفِّي في الخامس من فبراير 2011.