المظاهر المادية للتخلُّف
المظاهر المادية للتخلُّف
يعد الجهل أهم مظهر من المظاهر المادية للتخلف، حيث إن الدول الإسلامية هي الأقل عالميًّا في الاهتمام بالعلم والبحث العلمي والأقل ميزانية كذلك، والجهل أنواع فهناك جهلٌ تام كالأمية وهناك جهلٌ مركب كالجهل الديني والعلمي والصحي، ومتوسط نسبة الأمية في العالم الإسلامي ٥٨٪ من السكان، ولعل من أسباب ذلك هو الأوضاع السيئة العامة كالفقر مثلًا، مما يدفع رب الأسرة ألا يعلِّم أولاده ويلحقهم بحِرفٍ حتى يساعدوا للإنفاق على الأسرة، وأيضًا معظم الدول الإسلامية معايير الإنفاق فيها مختلَّة حيث يتزايد إنفاقهم على التسليح والجيوش ويهملون باقي الاتجاهات، هذا رغم أن الأبحاث تنهال مقررةً أهمية التعليم وأنه أصبح استثمارًا مُربحًا أكثر من غيره، وقد أشارت الإحصائيات إلى أن ما يُنفَق على التعليم سيُجنى ثماره بعد تسع أو عشر سنوات، أما القروض التنموية فتحقق عوائدها بعد ثماني عشرة سنة، وعلى الرغم من ذلك فليس هناك من يأخذ بهذا المبحث للاستثمار في شباب الأمة وبناء مستقبلها.
ويرجع الكاتب أعداد العلماء والتقنيين المنخفضة في العالم الإسلامي إلى الاهتمام المحدود من بلادهم، بالإضافة إلى استقطاب الغرب الذي يجذبهم بمختبراته وإمكانياته الكبيرة، ومعظم المحللين الغربيين يحللون تلك الهجرة المستمرة لشباب العلماء والمفكرين من الدول النامية، وأن هجرة العقول ستمثل خسارة فادحة لبلادهم في المستقبل، فكل عالم يخرج هو بمثابة حل لمشكلة ما تم فقده.
إن الفقر هو عدم إمكانية الحصول على الخدمات الأساسية من مسكن وملبس وغذاء، وبهذا التعريف فإن الأمة الإسلامية يوصف جزء كبير من أفرادها بالفقراء، وبالتأكيد آثار الفقر على المجتمع تتزايد وتتضح يومًا بعد يوم، فالفقر أثر في الأخلاق فساءت وأثر في الأبدان فضعفت، فانتشرت صفات ذميمة كالرشوة والسرقة، وانتشرت الأمراض -وهي الوجه الآخر للفقر- نتيجة سوء التغذية الذي يُضعف المناعة والمياه الملوثة ونقص النظافة، وانتشار الحيوانات الحاملة للأمراض، هذا كله بالإضافة إلى نقص الرعاية الطبية من مستلزمات المستشفيات إلى نقص نسبة الأطباء لكل ألف مواطن، وغير ذلك.
الفكرة من كتاب نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي
يُعرَّف المجتمع على أنه ليس مجرد مكان يتعايش فيه الناس، وإنما هو علاقات تجمعهم وروابط تشملهم وتوجُّهات مشتركة وهموم يهتمُّون بها وانتصارات ترقى بهم كلهم وهزائم يعانون مرارتها معًا أيضًا..
يحدثنا الكاتب عن المجتمع الإسلامي والطبقات التي كوَّنته عبر العصور، والتحديات التي واجهته حتى أضعفته ومزَّقت أواصر اتحاده وجعلت أبناء الأمة متفرقين فُرادى حتى وقعوا في قبضة المستعمرين، موضحًا سمات ذلك التخلف الذي حلَّ بالحضارة الإسلامية نفسيًّا وماديًّا، وكيف أثر ذلك في نواحي الحياة المختلفة.
مؤلف كتاب نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي
عبد الكريم بكار: مؤلف سوري ولد عام ١٩٥١، حصل على درجة الماچستير من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر ثم درجة الدكتوراه من الكلية نفسها، تدرَّج أكاديميًّا كمحاضر في الجامعات السعودية، له العديد من المؤلفات الإسلامية في مجالات التربية والفكر والتأصيل، أشهرها: “من أجل شباب جديد”، و”العولمة” و”العيش في الزمان الصعب” و”تجديد الوعي”.