المجتمع الإسلامي قديمًا وحديثًا
المجتمع الإسلامي قديمًا وحديثًا
يُعرَّف المجتمع على أنه ليس مجرد مكان يتعايش فيه الناس، وإنما هو علاقات تجمعهم وروابط تشملهم وتوجُّهات مشتركة وهموم يهتمُّون بها وانتصارات ترقى بهم كلهم وهزائم يعانون مرارتها معًا أيضًا، ولما جاء الإسلام حرَّر الناس من قيود الجاهلية والقبلية وأسَّس مجتمعًا يقوم على عقيدة التوحيد والأحكام الأساسية لتكون هي المهد الصلب الذي يُبنى عليه ما ينتجه الناس من ثقافات ومعارف وعلوم بشرط ألا تكون تلك الأفكار والثقافات مخالفة للعقيدة الأساسية، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى فتن وصراعات تشكِّك الناس في دينهم، ومن هنا كانت نشأة حد الردة، وهذا ما تعانيه الأمة اليوم.
إن أسباب تبنِّي الشخص لفكرة أو معتقد أو ثقافة ما تكون إما لأسباب شخصية كالاستعداد النفسي لاعتناقها أو الاستعداد الفكري ومستوى التعليم وأسلوب التربية، وإما لأسباب بيئية تنشأ من البيئة المحيطة التي يتفاعل معها الإنسان يؤثر فيها ويتأثر بها، وتلك الأسباب تندرج تحت بند التنوع الثقافي، والإسلام يدعم ذلك التنوع ويؤسِّس للفروق الفردية الثقافية، فلا ينتج ركونًا إلى الجمود والكسل وغلق باب الاجتهاد حتى إن الفقهاء أجمعوا أن المجتهد المُخطئ له أجر والمجتهد المُصيب له أجران، وبتلك الفروق الفردية يصير المجتمع متكاملًا بعضه ببعض.
كانت أمة الإسلام حضارة قوية ومتقدمة، ولها آثارها من معارف وعلوم وثقافات تمتد من الفُرس شرقًا إلى الأندلس غربًا، وأفرزت العلماء والفقهاء والمؤرخين والقضاة والمبدعين، وذلك عندما كان الإسلام يسيطر على كل مناحي الحياة، وما ساد التخلف الحضاري العام إلا بعد تراجع الدين عن الهيمنة على أحوال الناس وشؤونهم الاقتصادية والاجتماعية.
كانت بداية الانشقاق الفعلي هي فترات الاستعمار وما فعلته من هدم للثوابت المشتركة بين المسلمين وإفساد عقيدتهم التي جمعت الناس طوال أربعة عشر قرنًا مضت، فانتشرت الفرقة والتشرذم وأصبح المسلمون الآن مجموعات عدة متصلِّبة الرأي متناحرة فيما بينها، كل واحدة تريد أن تسيطر على الأخرى، وأصبحوا منشغلين بحل مشكلاتهم الداخلية وصراعاتهم فيما بينهم، متغافلين عن الدور الحضاري وما يجب أن يصنعوه ليستعيدوا دورهم التاريخي والدعوي.
الفكرة من كتاب نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي
يُعرَّف المجتمع على أنه ليس مجرد مكان يتعايش فيه الناس، وإنما هو علاقات تجمعهم وروابط تشملهم وتوجُّهات مشتركة وهموم يهتمُّون بها وانتصارات ترقى بهم كلهم وهزائم يعانون مرارتها معًا أيضًا..
يحدثنا الكاتب عن المجتمع الإسلامي والطبقات التي كوَّنته عبر العصور، والتحديات التي واجهته حتى أضعفته ومزَّقت أواصر اتحاده وجعلت أبناء الأمة متفرقين فُرادى حتى وقعوا في قبضة المستعمرين، موضحًا سمات ذلك التخلف الذي حلَّ بالحضارة الإسلامية نفسيًّا وماديًّا، وكيف أثر ذلك في نواحي الحياة المختلفة.
مؤلف كتاب نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي
عبد الكريم بكار: مؤلف سوري ولد عام ١٩٥١، حصل على درجة الماچستير من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر ثم درجة الدكتوراه من الكلية نفسها، تدرَّج أكاديميًّا كمحاضر في الجامعات السعودية، له العديد من المؤلفات الإسلامية في مجالات التربية والفكر والتأصيل، أشهرها: “من أجل شباب جديد”، و”العولمة” و”العيش في الزمان الصعب” و”تجديد الوعي”.