الأهداف والمشتتات
الأهداف والمشتتات
رغم تزايد مواقع التواصل حولنا فإننا نجد صعوبة في التواصل مع المحيطين بنا، حيث أصبح الوضع السائد في أغلب العائلات أن يقضوا الوقت معًا متصلين بالشاشات ومنفصلين بعضهم عن بعض، ويبدو أن وقت العائلة قد أعيد صياغته في العصر الحالي، وأن التشتت الرقمي تحول إلى سلوك إنساني طبيعي، مستحوذًا على انتباه الأفراد لفترات طويلة دون وجود شيء مهم يستحق كل ذلك الانجذاب، والوسائل التكنولوجية لها الكثير من جوانب الاستفادة، ولكن يجب استخدامها على نحو معتدل.
ويكافح أطفال هذا العصر رغبة في نيل انتباه والديهم، تقول توركل: “إن ما يرغب فيه الأطفال هو الانتباه المنشود والنادر، وما يجعل الأمور أسوأ هو وجود الوالدين ولكنهما منشغلان بأمر آخر”، فيلوح الرُضَّع بحماس في كراسيهم المتحركة، ويتحرَّك الأطفال الصغار نحو أحد والديهم فيدفعه بعيدًا عنه وينظر إلى هاتفه، وكل ما يرغبون به هو الانتباه إليهم، فيضطر الأطفال إلى محاولة جذب الانتباه بالصراخ حتى يلتفت إليهم أحدهما، وعندما يكبر هؤلاء الأطفال ويمتلكون هواتفهم يفعلون تلك الممارسات التي حدثت معهم في صغرهم.
وأجرت مؤسَّسة Kaiser Family Foundation بحثًا يبيِّن أن استخدام وسائل التواصل الرقمية بين الشباب في تزايد مستمر، إذ يقضي المراهقون أكثر من عشر ساعات يوميًّا على مواقع التواصل، ويقول تيموثي فيريس في كتابه The4_Hour Workweek: “إننا ينبغي أن نركز على البقاء منتجين بدلًا من أن نكون مشغولين”، ويقول أيضًا: “إن الانشغال ما هو إلا أسلوب نستخدمه للتهرُّب من الأفعال القليلة المزعجة التي على قدر كبير من الأهمية والتي نحتاج إلى أدائها”.
وتجنُّب المشتتات يعني المزيد من تحقيق الأهداف، والخروج بأفكار مبدعة، وإنجاز قدر كبير من العمل، والتحسين من مستوى الذاكرة، ولا شك بأننا قادرون على العيش دون وسائل التواصل الحديثة، وتُعرف البرامج المُستخدمة لعلاج إدمان الإنترنت باسم “التطهير التكنولوجي”، أو “إعادة التهيئة الشخصية”، يقول مخرج هيئة الإذاعة البريطانية ستيوارت هيوز الذي خضع لعلاج الإدمان الرقمي إنه شعر باليأس في بادئ الأمر، ولكن تغير ذلك تدريجيًّا ليندمج مع العالم الحقيقي، فقد حصل على الكثير من الذكريات القيّمة التي لا تُنسى خلال تلك التجربة، وما جعلها كذلك هي أنها شخصية وخاصة.
وتقول جيسيكا تايلور في جريدة “The Daily Muse” معبرة عن شعورها بعد إقلاعها عن الفيسبوك: “بدأت أدرك أن كثيرًا مما كنا نتواصل حوله سخيف، وأنني في الواقع لا أهتم به، ويبدو أن العلاج من التشتت الرقمي يجلب المزيد من الوقت والسعادة والاسترخاء ويساعد على معايشة الحياة الواقعية، مما يجعل العلاقات الأسرية أكثر حميمية كما كانت من قبل”.
الفكرة من كتاب مصيدة التشتت: كيف تركز في فوضى العالم الرقمي
متى كانت آخر مرة عكفت فيها على إنجاز عمل ما بكامل تركيزك دون تشتُّت بسبب هاتفك الذكي أو بريدك الإلكتروني أو شبكات التواصل الاجتماعي؟ هذا الكتاب هو جرس الإنذار، تبيِّن فيه الكاتبة خطورة ما تفعله التكنولوجيا بأدمغتنا وذاكرتنا ووقتنا وعلاقاتنا الاجتماعية الحقيقية، وتقدِّم طريقة الإقلاع عن إدمان الوسائل الرقمية وكيفية إنجاز المهام على نحو لائق وتحسين جودة العمل والعلاقات وتحقيق الأهداف.
مؤلف كتاب مصيدة التشتت: كيف تركز في فوضى العالم الرقمي
فرانسيس بووث Frances Booth: رائدة من رواد الأعمال البارعين في مجال التكنولوجيا، نشأت في مدينة نيوكاسل بشمال إنجلترا، درست العلوم الاجتماعية والسياسية في جامعة كامبريدج، وحصلت على درجة الماجستير في الصحافة من جامعة شيفيلد، شغلت منصب صحفية لمدة ثماني سنوات بجريدتي الديلي تليجراف والجارديان، ولها العديد من المحاضرات عن التشتُّت الرقمي، وتدير موقع here are some words.