الفرق بين العلمانية والدنيوة
الفرق بين العلمانية والدنيوة
ابتدعَ أوليفييه مصطلحًا جديدًا، هو “الدنيوة” وفرَّق بينه وبين العلمانية، حيث يرى أن العلمانية هي حالة خاصة بفرنسا، ولا تتجاوز حدودها الجغرافية، بينما تشكِّل الدنيوة حلقة الوصل بين الدين والمجتمع من خلال الثقافة، فيرى أن العلمانية هي إقصاء كل ما هو ديني، والتخلِّي عن كل مرجع دلالي للهوية غير المواطنة السياسية، وهي مفهوم مشوَّش، حيث إنها غير مفهومة في بريطانيا أو أمريكا؛ فبريطانيا لها دين رسمي للدولة، والملكة هي رئيسة الكنيسة، كما يمكن للموظفين ارتداء الحجاب ولا غضاضة فيه؛ وفي أمريكا لا يمكن انتخاب الرئيس دون أن يتكلَّم عن الإله، ويقسم على الإنجيل، ويعترفون بالديني في الدوائر السياسية.
أما الدنيوة فهي أن يتصرَّف المواطن بوصفه شخصًا مؤمنًا، ولكن في قرارة نفسه؛ من دون إلزام صادر من الدولة أو المجتمع أو رجال الدين؛ وفي ذات الوقت دون أن يفرض على غيرهِ ما يعتبرهُ معيارًا إلهيًّا؛ وفي حال امتنع جميع المواطنين عن التصرُّف بصفتهم مؤمنين؛ فهذا معناه أن المجتمع قد تحوَّل إلى “مجتمع دنيوة” بصورة نهائية. وكل دولة دنيوة ليس شرطًا أن تكون علمانية، ولكن كل دولة علمانية فهي بالتبعية تكون دولة دنيوة، فبريطانيا وأمريكا دولتان دنيويتان، بينما فرنسا دولة علمانية، وهي استثناء في أوروبا.
فالدول الدنيوة تشكِّل فيها الثقافة الرابط الوسيط بين الدين والمجتمع، وهذا ما يتبقَّى من الدين عندما يضمحل الإيمان، فيبقى الديني من دون تقديس المقدس، ويبقى المرء مسلمًا حتى وإن لم يعد مؤمنًا! ومن خلال الدنيوة يتم إعادة تكوين للهوية الدينية كونها هوية أقلية، ويفقد المجتمع البداهة الدينية، وعدم لزوم أن يعرف الإنسان نفسه كونه مؤمنًا أو غير مؤمن.
الفكرة من كتاب الإسلام والعلمانية
إن المشكلة في فرنسا ليست في الإسلام ذاته، بل في إشكال عودة الدين الإسلامي المُعاصر المُغرَّب، حيث كان مُسلمو السبعينيات صامتين، ومع بداية التسعينيات شرَعَ المسلمون في الكلام بصفتهم مسلمين، ومن هنا أصبح يُنظر إلى الإسلام كونه عاملًا كامنًا قادرًا على إحداث تغيير جذري في المجتمع الفرنسي، لذلك تريد فرنسا إسلامًا علمانيًّا، ومسلمين علمانيين، أي إسلامًا على الطريقة الفرنسية، فحين تنظر فرنسا في مرآة الإسلام ترى أنها تعيش أزمة هويَّة.
مؤلف كتاب الإسلام والعلمانية
أوليفييه روا Olivier Roy: كاتب وباحث فرنسي، متخصص في الشؤون الإسلامية.
صدر له عدد من الكتب، منها:
الجهل المقدس.
عولمة الإسلام.
تجربة الإسلام السياسي.