العقل والشرع
العقل والشرع
إن أول ما نزل من القرآن على النبي (صلى الله عليه وسلم) يعزِّز ما استقر في الذهن البشري من إثبات صفة الخلق لله (عز وجل): ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، فإن هذا المبدأ العقلي الفطري هو أوضح برهان على الربوبية، فالخلق يدل على الخالق، ولا يخفى على أحد تأكيد القرآن البالغ أن التفكير والتأمل في المخلوقات يوصل إلى معرفة الله.
لذا فإن النظر في الإتقان البديع للمخلوقات يدل على الخالق ويزيد المؤمن إيمانًا، ومن أساليب التعرف على هذا الإتقان والعناية في التصميم: العلوم الطبيعية، ويعضِّد ذلك قول الدكتور مصطفى محمود: “العلم الحديث يصل إلى الله من خلال الميكروسكوب والمبضع والتلسكوب وتأمل قوانين الذرة والفلك”، إذن فالاستدلال بالخلق على الخالق ليس دليلًا شرعيًّا نبَّه إليه الشرع فحسب، بل هو عقلي أيضًا معلوم عند الناس بالعقل ولو لم يخبر به الأنبياء.
في تاريخ اللاهوت والعلم الغربي قديًما كانوا يرجعون كل الظواهر الغريبة عنهم إلى الفعل الإلهي المباشر دون اعتبار لأي أسباب مادية، وكلما تقدمت العلوم وكُشف عن الأسباب المادية للظواهر الطبيعية كانت تتآكل مساحة الله في العلم، أما في الإسلام فلا وجود لهذا الخلط، بل معرفة الأسباب المادية للظواهر تؤكد إيداع الله الأسباب في كل شيء، وأنه خالقها وليست هي بذاتها المتصرفة.
وفي الواقع ليس هناك تعارض بين السبب الغيبي والسبب المادي، فالإيمان بأحدهما لا ينفي وجود الآخر، تمامًا كما نؤمن في حياتنا بوجود أكثر من سبب مادي واحد للشيء نفسه دون أن نرى في ذلك أي تعارض، فالطالب الذي يرسب في الاختبار قد يرجع رسوبه إلى عدة أسباب: كأن يكون لم يستذكر دروسه جيدًا ولم يأخذ الوقت الكافي من النوم وكان الاختبار صعبًا، قبولنا لهذه الأسباب المتعددة لا يتناقض إذا أضفنا لها أنه لم يسأل الله التوفيق، أليس الأقرب إلى العقل أنها لا تنافي بعضها بعضًا؟ إن الإشكال يحدث عندما نتصور أن معرفة الأسباب الطبيعية تنفي بالضرورة الأسباب الغيبية.
الفكرة من كتاب الإسلام والعلم
ما الإنسان؟ وما طبيعته؟ هناك رؤيتان مختلفتان لفَهم طبيعة الإنسان وماهيته، الأولى مادية محضة تنفي وجود الروح، والثانية مثبتة للروح مؤمنة بوجودها، وينبني عن هذا الاختلاف توابع كثيرة في عدة قضايا منها: بدء الحياة ونهايتها.
يقدِّم هذا الكتاب خارطة منهجية للتعامل مع القضايا التي يتداخل فيها العلم والدين، مستقصيًا أسباب ودوافع الخلاف الناشئ بين العلم والإيمان، متناولًا أشهر القضايا المتداخلة بينهما وتفصيلها والجواب عنها.
مؤلف كتاب الإسلام والعلم
هشام عزمي: باحث في ملف الإلحاد وطبيب مصري، ويعمل حاليًّا مدير وحدة العناية المركزة الجراحية في مستشفى كفر الشيخ، ويدير قسم الإلحاد في مركز الفتح للبحوث والدراسات، وأسهم في تأسيس مركز براهين ومنتدى التوحيد.
ومن مؤلفاته: «الإلحاد للمبتدئين.. دليلك المختصر للحوار بين الإيمان والإلحاد»، و«التطور الموجه بين العلم والدين».