نقطة البداية
نقطة البداية
(سامح)كسول جدًّا، بعد أن فشلت أمه في إقناعه بالاستيقاظ مبكرًا كل يوم لئلا يتأخَّر على المدرسة لجأت إلى معلمته، فأحضرت المعلمة تلاميذ الفصل وحكت لهم قصة العصفور الذي استيقظ مبكرًا، فرأى دودة صغيرة فالتقطها ثم عاد إلى عشه فرحًا بفطوره. سألت المعلمة (سامح): ماذا استفدت من هذه القصة؟ فأجاب: استفدت أن الدودة عندما استيقظت مبكرًا أكلها العصفور!
عادةً يتلقى الناس نفس المعطيات ولكن يختلفون في رؤية وفهم هذه المعطيات، يرى المؤلف أن هذا هو الفارق الجوهري الذي يجعل المؤسسات الأكاديمية تتبنَّى الدفاع عن نظرية التطوُّر بقوة في مقابل قلة من العلماء والباحثين الذين يتصدَّون لهذه النظرية، رغم امتلاك كلٍّ منهما نفس المعطيات العلمية، فإن كانت الفلسفة المادية التي تنفي الغيبيات ووجود الله هي المنطلق لدى الملاحدة، فمن المنطقي أن يكون العلم ماديًّا في تصوُّرهم، وبتلك القناعة السابقة التي تفترض أنه لا إله ولا غيب تكون نقطة البداية عندهم هي الإجابة وليس الحياد أو السؤال.
عندما تكون الإجابة الجاهزة أحد مدخلات عملية البحث العلمي، تصبح معالجة المدخلات صناعة للدليل وتبريرًا للقناعات السابقة، فالمشكلة ليست في الدليل على وجود الله، بل في الذهنية المادية التي تتحدث باسم العلم وتمزجه بأطروحاتها، فإذا كنا لم ندرك بعد كل ما في العالم ولا يزال الجزء الأكبر منه محجوبًا عنا، فما الذي يثبت صحة الرؤية المادية؟
إن الفلسفة المادية ليست إلا ضربًا من التحكم بغير دليل، إذ إنه لا تنفرد الحواس وحدها بالمعرفة، ففي عالمنا ما لا يُشاهَد بالحواس إلا من خلال واسطة كالتلسكوبات والميكروسكوبات، وهناك ما لا يُستدل على وجوده إلا بآثاره كالجاذبية، وبذلك نعرف أن العلم الطبيعي كما أنه لم يُقِم لدينا دليلًا على وجود عالم غيبي، فإنه لا يقيم دليًلا على عدم وجوده، ومعلوم أن عدم الدليل على شيء لا يعني عدم وجوده، فقد يكون موجودًا ولكن علمنا يقصر عن العلم به، وبهذا فإن الخلاف بين المادية والإسلام ليس عن العلم كمعطيات ومشاهدات وتجارِب، لكنه عن نقطة البداية نفسها.
الفكرة من كتاب الإسلام والعلم
ما الإنسان؟ وما طبيعته؟ هناك رؤيتان مختلفتان لفَهم طبيعة الإنسان وماهيته، الأولى مادية محضة تنفي وجود الروح، والثانية مثبتة للروح مؤمنة بوجودها، وينبني عن هذا الاختلاف توابع كثيرة في عدة قضايا منها: بدء الحياة ونهايتها.
يقدِّم هذا الكتاب خارطة منهجية للتعامل مع القضايا التي يتداخل فيها العلم والدين، مستقصيًا أسباب ودوافع الخلاف الناشئ بين العلم والإيمان، متناولًا أشهر القضايا المتداخلة بينهما وتفصيلها والجواب عنها.
مؤلف كتاب الإسلام والعلم
هشام عزمي: باحث في ملف الإلحاد وطبيب مصري، ويعمل حاليًّا مدير وحدة العناية المركزة الجراحية في مستشفى كفر الشيخ، ويدير قسم الإلحاد في مركز الفتح للبحوث والدراسات، وأسهم في تأسيس مركز براهين ومنتدى التوحيد.
ومن مؤلفاته: «الإلحاد للمبتدئين.. دليلك المختصر للحوار بين الإيمان والإلحاد»، و«التطور الموجه بين العلم والدين».