التحرك العملي
التحرك العملي
إن انعكاس مفهوم الولاء على الواقع يجعلنا نتساءل، لم لا يسعى القادة المسلمون إلى حيازة ولاء الجمهور، من خلال تقديم منفعة مادية لهم، كجهد حضاري قابل للتراكم بمرور الأيام، أو سد حاجة لديهم؟
القضية كلها تتلخَّص في سؤال صيغته: أنا مسلم؛ لم لا أكون بؤرة ومركزًا لغيري ينطلقون من خلالي إلى الله؟ فالناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة، فإن لم أكن أنا فمن؟ إن لم يكن العالم بالشرع فمن؟ إن لم يكن رواد الفكر فمن، وإن لم يكن الوعاظ فمن؟
علماء الشرع الذين يجلسون لإفتاء الناس ويكسبون ولاءهم، لو عمدنا إلى بعض خريجي الكليات الشرعية، وأبعدناهم عن الواجبات الإدارية، وأتحنا لهم الجلوس إلى العلماء، ثم إذا تم تكوينهم العلمي، وذاعت شهرتهم، وركن الناس لهم، يستطيعون من خلال هذا توجيه الناس لما فيه صلاح دنياهم وآخرتهم، كما يؤصلون للعديد من المفاهيم، ويحفظون للدعوة أصالة فكرها ومنهجها.
أما رواد الفكر فمهمتهم التعريف بخصائص الإسلام العامة، ووصفه الإجمالي وقواعد الفقه وإسقاطه على الواقع واستنباط حلول مناسبة ضمن الحل الإسلامي العام، وهم بذلك صناع حياة وبناة حضارة، وأما الوعاظ فبإمكانهم الضرب على الوتر العاطفي وتحريك مشاعر الجموع وإنهاض الهمم، وتناول أمور الدنيا والآخرة، بما يحفظ للناس أمور معاشهم ومعادهم ودورهم، هؤلاء الوعاظ مهم داخل الجماعة، وخارجها في ترطيب النفوس وموازنة الآثار الناتجة من كلام الفقهاء والمفكرين اليابس الخالي من العاطفة، وبهذا ييسِّرون تنفيذ منهج حضاري عظيم، ويقيمون حضارة إسلامية جديدة، يصدق عليهم بها وصف صناع حياة.
الفكرة من كتاب صناعة الحياة
تعني نظرية صناعة الحياة أننا ننظر إلى إدارة الحياة على أنها (صنعة)، لها فنونها الخاصة، وتنميها الخبرة المكتسبة إذا تراكمت، وتستلزم مهارة، ونحن نريد تسيير الحياة في تيار واحد، ولجعل هذا التيار يصب في الوادي الإسلامي فعلينا معرفة خصائص البشر الفطرية وأسرار علاقاتهم، وهي في خلاصتها تنبيه على ضرورة إمساك الدعاة بمصادر القوة العلمية والمحركات العاطفية، والأمور المالية، فيخبرنا الكاتب عن مضمون هذه النظرية، وكيف نعد هؤلاء الصناع، وكيف نختارهم، وندربهم لرفع راية دينهم، مسترشدًا بالقوانين الثابتة في الكون وبأعمال السابقين.
ويخبرنا أنه من الممكن تقسيم الحياة لخططٍ متدرجة، فيكون الخط الأمامي لما يلهب مشاعر الناس، ويحركهم، يليه خط امتداد خلفي من صناع الحياة، ثم خط تركيز خلفي ثانٍ تمثله التربية الأسرية، وخط تطوير ثالث يمثله البناء التخصصي لصناع حياة جدد، فنكون بهذا علقنا الظاهرة الدعوية بالظواهر الكونية القدرية، كالولاء والقدر.
مؤلف كتاب صناعة الحياة
محمد أحمد الراشد: كاتب وداعية إسلامي، ولد في الثامن من يوليو، عام ألفٍ وتسعمائة وثمانية وثلاثين، درس في كلية الحقوق، وتتلمذ على يد الكثير من علماء بغداد، وهاجر بعد حرب الخليج الثانية إلى أوروبا، ويعتبر من أهم منظري ومؤلفي الحركة الإسلامية، فهو مؤلف العديد من الكتب التي تحاول أن تجمع روح الحركة مع العلم الإسلامي ونوع من الروحانيات وتأكيد الأخلاق الإسلامية، وكتبه خليط مميز من الأدب والفقه.
ومن مؤلفاته:
فقه الحياة.
آفاق الجمال.
سلطان الإيمان.
صراطنا المستقيم.