الرسول القائد
الرسول القائد
لقد لقَّنونا جوانب الرحمة واللين في سيرته حتى غاب عنا مشهد الرسول القائد والرسول المقدام والرسول الشجاع فظنناه هينًا لينًا عطوفًا متسامحًا فحسب، في حين أنه (صلى الله عليه وسلم) كانت تعلوه مهابة وقوة وشجاعة كان يحسب لها صناديد الكفر ألف حساب، ومن ذلك أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يسير مرة في مكة فقابله أُبيُّ بن خلف أحد صناديد الكفر، فأمسك بعظم بين يديه وفتَّته ثم سأل النبي بغطرسة وكبر واستهزاء: أتُرى ربك يحيي هذا بعدما قد أرم؟ ماذا يفعل محمد مع هذا الفرعون وكيف يكون الرد؟ اسمع، يقول له: نعم ويبعثك ويدخلك النار.
ختم أبدي ختم به النبي آخرة ذلك الصنديد، فكيف يهنأ بعيش بعدها وهو يعلم من قرارة نفسه أن محمدًا لا يحكم بحكم من عنده وأنه الصادق المصدوق!
تلك شجاعته مع أعدائه، فماذا عن شجاعته مع قومه وأصحابه؟ يحدثنا أنس بن مالك (رضي الله عنه) أنهم سمعوا صوتًا غريبًا قادمًا من إحدى جهات المدينة، والمدينة وقتئذٍ كانت مستهدفة من كل حدبٍ وصوب من مكة والطائف ومن الروم والفرس، فاضطرب الناس وأخذ الفرسان ينادي بعضهم بعضًا ويتجهَّزوا ليتحركوا صوب الصوت، لكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد سبقهم إلى هناك ممتطيًا فرسًًا بلا سَرْج لأبي طلحة ليقابلهم بابتسامة المطمئن “لم تُراعوا.. لم تُراعوا”.
وبين أيدينا شهادة أحد البواسل الشبان، ومن أعظم من وُصفوا بالشجاعة والإقدام وهو علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) يصف بسالة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيقول: “كنا إذا احمرَّ البأس ولَقيَ القوم القوم اتقينا برسول الله (صلى الله عليه وسلم)”، واحمرَّ البأس كناية على تطاير الدماء واشتداد الحرب وتداخل السيوف، واتقينا برسول الله، أي جعلناه بيننا وبين الموت وصليل السيوف! هذا القائد يا سادة مقدام في المعارك درع للقوم.
الفكرة من كتاب الرجل النبيل.. محمد رسول الله
“هذه الحياة السوداء لا تليق بمحمد مهما حاول أن يمسح شيئًا من السواد عن لوحتها الكبيرة، إن الأصباغ القاتمة تراكمت بطيش حتى بات من العسير إضافة لون أبيض أو معنى جميل، لذلك فقد حُبِّب لهذا الشاب أن يترك الجاهلية وراء ظهره ويذهب كلما سنحت له الفرصة إلى تلك الجبال البعيدة التي يسمعها تهمس بأشياء تدركها روحه ولا يتحقَّقها عقله كأنما تريد أن تقول له شيئًا مهمًّا للغاية، وكأنها تريد أن تُفصح له عن ماهيته التي ما زال حتى اللحظة لا يدركها”.
جوانب متفرقة متنوعة متكاملة من حياة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) يجمعها الكاتب ويصوغها بأسلوب يرقِّق القلب ويدمع العين حتى إنك تود أنه في نهاية الكتاب لم ينتهِ من تعطيرك بسيرة الحبيب ولو أنه أطال قليلًا.
ستخرج بعد هذا الكتاب وهذه المواقف المتنوعة متعطشًا للتعلم والتعرف على سيرة أعظم البشر (صلى الله عليه وسلم).
مؤلف كتاب الرجل النبيل.. محمد رسول الله
علي بن يحيى بن جابر الفيفي: كاتب ومحاضر في قسم الشريعة واللغة العربية في كلية البرامج المشتركة بالمحالة بالسعودية، حاصل على بكالوريوس في تخصص الدعوة، هذا إلى جانب حصوله على درجة الماجستير في تخصص الدعوة والاحتساب، وله العديد من الأبحاث العلمية المتميزة.
ومن أبرز مؤلفاته:
لأنك الله.
سوار أمي.
يوسفيات.