بنك جرامين والتنمية الاقتصادية
بنك جرامين والتنمية الاقتصادية
كثيرًا ما يُقال إن علم الإحصاء مخادع، فرغم البيانات المتكررة يوميًّا على أسماعنا تؤكد التحسن الملحوظ في المؤشرات الاقتصادية، فإن الرجل العادي فضلًا عن الطبقات المهمَّشة لا يلمس أثرًا في تحسن الظروف المعيشية، بل ربما يرى أن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، ويرجع ذلك في حقيقته إلى أن رواد التنمية وإن اهتموا بزيادة الكعكة فقد أهملوا عدالة تقسيمها، حيث تركَّزت اهتماماتهم بصورة كبيرة على الطبقة العليا من الشعب غير آبهين بالكثرة الفقيرة والمعدومة.
من هنا كان معيار التنمية الذي تبنَّته تجربة بنك الفقراء يستند إلى مدى التحسُّن الملحوظ في المستويات المعيشية للطبقات التى ترزح في قاع التخلف والفقر والتهميش ورداءة الخدمات فضلًا عن انعدامها، فانعكست تلك النظرة على الخريطة الاستثمارية للبنك، فكلما لامس المشروع إشباع حاجة ضرورية للفقير وإمكانية إحداث تحسُّن ملحوظ في مستوى معيشته زادت فرصه في الحصول على التمويل المطلوب، ومن عجيب الأمر أن النساء وربَّات البيوت الفقيرة شكَّلن ما يقرب من 97% من عملاء البنك، بينما اقتصر نصيب الرجال على 3% فقط! مما أدخل عنصرًا مهمًّا كان مهمَّشًا قبل ذلك في العملية الإنتاجية في الاقتصاد.
ومن أجل دعم تلك التنمية عمل البنك على توفير مجموعة مختلفة من الأدوات المالية التي تناسب مختلف العملاء كان أبرزها القروض الميسَّرة التي كانت دافعًا لعملية الاستثمار الفردي، ومنها أيضًا صناديق الادخار المتنوِّعة كصندوق المجموعة الذي يشترك فيه مجموعات تتكوَّن من أربعة إلى خمسة أفراد عبر عملية الادخار الإجباري كنوع من التكافل الاجتماعي، وهناك أيضًا صندوق الطوارئ وهو أشبه بمظلَّة تأمينية لمواجهة الأخطار والحوادث غير المتوقعة، بالإضافة إلى العديد من الصناديق الأخرى لتجميع المدخرات الجمعية وتوجيهها إلى المشروعات الخدمية، كما يدخل البنك في استثمارات مشتركة مع الأفراد في عدد من المشروعات، حيث كان يتولى مهام الإدارة في بادئ الأمر إلى حين تدريب كوادر إدارية يُعهد إليها بمهمة الإدارة بعد ذلك.
الفكرة من كتاب تجربة بنك الفقراء
لطالما كان الفقر هو الهاجس الأول عند الشعوب لا سيما مع ارتباطه الوثيق بانتشار الجهل والأمية والبطالة وزيادة معدلات الجريمة والتفكُّك الأسري وغير ذلك من الأمراض الاجتماعية، من هنا كانت أهمية تجربة بنك جرامين “بنك الفقراء”، حيث كانت مصدر إلهام لكثير من الدول في مواجهة الفقر وتحقيق تنمية مستدامة.
مؤلف كتاب تجربة بنك الفقراء
مجدي على سعيد: كاتب وطبيب مصري، وُلد عام 1961، بالقاهرة، حصل على بكالوريوس الطب من كلية طب قصر العيني عام 1986، ودبلوم الدراسات الأفريقية من قسم الأنثروبولوجيا، معهد الدراسات الأفريقية عام 1996، عمل بمجالات عديدة شملت الصحافة النقابية والإغاثة والبحوث الاجتماعية والتنمية والبيئة.
له ثلاثة كتب: “الانتخابات الطلابية في الجامعات المصرية في العام الجامعي 1988/1989″، و”ألبانيا بين الآمال والمخاطر”، و”تجربة بنك الفقراء”.