تجربة بنك جرامين والبنوك الأخرى
تجربة بنك جرامين والبنوك الأخرى
تمتاز تجربة بنك جرامين (بنك الفقراء) بطابع فريد تمثَّل في صهر العاملين الاقتصادي والاجتماعي في بوتقة واحدة، مما أكسبها ميزة نسبية في التعامل مع قضية الفقر بوصفها ظاهرة متشعِّبة الأطراف، فقلبت بذلك نظريات التنمية رأسًا على عقب حينما انتهجت أسلوبًا مبتكرًا لتنمية الأفراد والمجتمع، حيث بدأت التنمية من القاع وغيَّرت بذلك المبدأ النفعي السائد في عالم المال القائل إن من لا يملك شيئًا لا يمكنه الحصول على شيء.
بتلك الفلسفة اختلفت تجربة البنك عن باقي البنوك التقليدية، فبينما قامت تلك البنوك على معايير الملاءة المالية كشرط للحصول على التمويل كان بنك جرامين يركز على معيار الحاجة والدافعية اللتين يملكهما الفرد، مما انعكس على السياسة العامة للبنك، فبدلًا من اعتماد الربح كهدف أوحد كباقي البنوك الأخرى كان يرى أن توفير مظلة الشمول المالي للفقراء والمعدمين ضرورة أساسية لحمايتهم من لهيب الفقر المحرق، وبذلك أضحت طبقات الشعب الدنيا والفئات المهمَّشة يشكِّلون العمود الفقري لعملاء البنك خصوصًا النساء منهم، مما جعل فروعه تنتشر قرب الريف والنجوع والقرى، فبدلًا من ذَهاب الفقير إلى البنك سارع بنك الفقراء بالذهاب إليه!
كما اتبع البنك أسلوب المشاركة في المخاطر بدلًا من المصلحة الخاصة التي انتهجتها البنوك التقليدية الأخرى، فلم يثقل كاهل العميل بالفوائد الباهظة كما تساهل في جدولة ديون من يتعثَّر عن السداد بعكس غيره من البنوك التي تلجأ إلى امتصاص دماء المتعثِّرين إلى آخر قطرة ثم في النهاية تزجُّ بهم في السجون وأروقة المحاكم، وكنوعٍ من المسؤولية المجتمعية أسهم بنك الفقراء في النهوض بالمستوى الخدمي في البيئة المحيطة من صحة وتعليم وتوفير مياه شرب صحية ونحو ذلك من الخدمات الأخرى، ومما سبق نرى أن الفرق الرئيس بين تجربة بنك جرامين (بنك الفقراء) والبنوك الأخرى هو أنه ركَّز في معاركه على محاربة الفقر، بينما عمدت البنوك الأخرى إلى محاربة الفقراء أنفسهم!
الفكرة من كتاب تجربة بنك الفقراء
لطالما كان الفقر هو الهاجس الأول عند الشعوب لا سيما مع ارتباطه الوثيق بانتشار الجهل والأمية والبطالة وزيادة معدلات الجريمة والتفكُّك الأسري وغير ذلك من الأمراض الاجتماعية، من هنا كانت أهمية تجربة بنك جرامين “بنك الفقراء”، حيث كانت مصدر إلهام لكثير من الدول في مواجهة الفقر وتحقيق تنمية مستدامة.
مؤلف كتاب تجربة بنك الفقراء
مجدي على سعيد: كاتب وطبيب مصري، وُلد عام 1961، بالقاهرة، حصل على بكالوريوس الطب من كلية طب قصر العيني عام 1986، ودبلوم الدراسات الأفريقية من قسم الأنثروبولوجيا، معهد الدراسات الأفريقية عام 1996، عمل بمجالات عديدة شملت الصحافة النقابية والإغاثة والبحوث الاجتماعية والتنمية والبيئة.
له ثلاثة كتب: “الانتخابات الطلابية في الجامعات المصرية في العام الجامعي 1988/1989″، و”ألبانيا بين الآمال والمخاطر”، و”تجربة بنك الفقراء”.