تاريخ الفينيقيين
تاريخ الفينيقيين
كانت أرض الفينيقيين ممتدَّة بالطول بين جبل لبنان والبحر، ينبت الزيتون والكرم والقمح في سفح تلالها وفي مجاري السيول بها، ويرجح أن الفينيقيين كانوا أممًا على شواطئ الخليج الفارسي، واضطروا إلى ترك مواطنهم بسبب زلازل هائلة، فاستراحوا مدة من الزمان على شاطئ البحر الميت، ثم جاؤوا إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، واستقرُّوا هناك، وكوَّنوا ثلاث طوائف مستقلة.
وأول ما بناه كنعان كانت مدينة صيدون (أو صيدا)، ولم تكن إلا قرية للصيادين، وكان لمينائها شهرة فائقة، وبها الكثير من البساتين والرياض، وفيما بعد دخلت في حكم الصوريين بسهولة دون حرب أو قتال، وكان هذا عين الحكمة لأنهم توصَّلوا إلى احتكار جميع تجارة مصر مع أمم آسيا والبحر الأبيض المتوسط، ثم حصلوا على استقلالهم.
وحاز الفينيقيون أسباب النعمة والثراء، وحاولوا الدفاع عن بلادهم، وقاوموا الأطماع، وفي آخر القرن الثالث عشر أقلع أسطول فلسطيني ودمَّر صيدا، ومن هربوا من أهلها فروا إلى مدينة صور ولاذوا بها؛ وأصبحوا أقوى دولة في فينيقية، إذًا لم تكن فينيقية قطرًًا من الأقطار بل جملة موانٍ.
وتأثر أهلها تأثُّرًا شديدًا بالمصريين فكريًّا ودينيًّا وأخذوا الكتابة عنهم وعدَّلوها بما يناسب احتياجاتهم السهلة ونقلوها إلى الأقطار التي كانت تجارتهم تسوقهم إليها؛ فصارت أصلًا اشتقَّت منه جميع حروف التهجِّي المعروفة وقتئذٍ من بلاد الهند والمغول وفرنسا القديمة وإسبانيا، وأخذ الفينيقيون عن المصريين بعضًا من فنونهم وصنائعهم، فمعاصر الزيوت ذات الأجهزة الضخمة تشبه الآثار المصرية بشكل لا يدع مجالًا للشك أنها نقلت عنها، وكذلك أواني الفضَّة والبرونز كانت تزخرف بأشكال مصرية وممثلة لموضوعات مصرية، وكذلك المصنوعات الزجاجية والجواهر.
وقد سهَّلوا صناعة الزجاج، وكانوا أول من صنع زجاجًا بلا لون، واشتهرت منتوجاتهم باللون الأرجواني الذي كان مرغوبًا في مناطق كثيرة، ومضت مدة طويلة ولم يعرف أحد من الأمم كيف يكون تركيبه، وكانوا قد استعمروا عدة بلاد منها: صقلية التي أحاطوها بعدة مستعمرات، لكن جاء اليونانيون واستقروا بجوارهم في صقلية وطردوهم إلى إسبانيا وانتزعوا منهم سيادة المستعمرات، حتى لم يبقَ لهم شيء.
الفكرة من كتاب تاريخ المشرق
المشرق مهدُ الحضارات وأصلها، شهد أقدم الثقافات في العالم، بدأ تاريخه مع بداية الاستيطان البشري، ونهضت عبره العديد من كبرى الإمبراطوريات والحضارات، بَدءًا من حضارة مصر الفرعونية، والحضارتين البابلية والآشورية اللتين قامتا على نهري دجلة والفرات، ومرورًا بالحضارة الفينيقية في سوريا، وحضارة بلاد فارس؛ فهذه الحضارات هي التي تختزل في أعماقها التاريخية العظمة الحضارية لبلاد المشرق.
يتحدَّث غاستون ماسبيرو في هذا الكتاب عن حضارات أربعٍ من الأمم القديمة، فيتناول الأماكن التي سكنوها، ويتحدث عن أصولهم وملوكهم، والإسهامات التي قدموها، والحروب التي دخلوها، ثم ديانتهم، وحِرَفهم وصناعتهم ولغتهم.
مؤلف كتاب تاريخ المشرق
غاستون ماسبيرو Gaston Maspero: عالِم آثار فرنسي من أشهر علماء المصريات، وُلِدَ في باريس عام ١٨٤٦م، وأحْرَزَ تفوُّقًا على أقرانه من علماء المصريات من خلال اطِّلاعه على الآثار المصرية المحفوظة في مُتحف اللوفر، ونقوش المسلَّة المصرية بميدان «لاكونكورد»، وجذب باجتهاده في مجالَيِ الآثار والتاريخ أنظار العمالقة من علماء الكوليج دي فرانس، ومن ثَمَّ تطلَّعوا إلى تنصيبه على كرسي المصريات، ولكنَّ صِغَر سنه حال دون تحقُّق ذلك الأمر، فقرَّروا منحه لقب أستاذ مساعد لمدة يومين، ثمَّ نصَّبُوه بعدها على كرسي علم المصريات، وقد شغل منصب مدير مصلحة الآثار المصرية.
أعاد ترتيب المتحف المصري ببولاق، ونقل محتوياته إلى متحف القاهرة الحالي، واكتُشِفت في عهده مئات التماثيل، وتُوُفِّيَ عام ١٩١٦م، ودُفِن بفرنسا، وقد أُطلِق اسمه على مبنى الإذاعة والتليفزيون المصري؛ تخليدًا لجهده الحثيث الذي بذله من أجل المحافظة على الآثار المصرية. من أهم أعماله ومؤلفاته:
– الفن المصري.
– حكايات شعبية فرعونية.
– الأغاني الشعبية في صعيد مصر.