الإلحاد دين الرجال!
الإلحاد دين الرجال!
يشير الغزالي إلى أن البعض يردد أن الدين والعلم متضادان، وأنه كلما ازداد المرء ثقافةً وعلمًا نبذ الدين، وهم على جهلهم بالعلم المادي يردِّدون أنهم لا يؤمنون سوى بالمادة وهؤلاء جهلة مقلِّدون، ومثلهم طائفة من أنصاف المتعلمين بنوا تصوراتهم على معلومات منقوصة، يقول فرانسيس بيكون: “إن قليلًا من الفلسفة يجنح بالعقل إلى الإلحاد، لكن التعمق فيها خليق أن يعود بالمرء إلى الدين”، وإذا فصلنا بين الإيمان بالله (عز وجل) وبين الانتماء إلى دين من الأديان نجد أن التوغل في العلم هدى الكثير من العلماء إلى الله فأدركوا أن هذا الكون لا بدَّ له من خالق جليل عظيم القدرة، وهذا فعل التفكير الصائب مع العديد من الساسة والمفكرين فتجد لديهم إيمانًا مترسخًا بالله قريبًا في جوهره إلى الإسلام رغم كرههم له، وهم ربما معذورون لأنه لم يُنقَل إليهم نقلًا صحيحًا يظهر جوهره وسماحته، لذلك كان الهدف الأساسي للإسلام هو تصحيح العقيدة والعبادة لتكون المعرفة بالله غير منقوصة.
يقول ديل كارنيجي: “أعرف رجالًا ينظرون إلى الدين نظرتهم إلى شيء مقتصر على النساء والأطفال والوعَّاظ ويتباهون بأنهم رجال يسعهم أن يخوضوا المعارك بلا سند ولا معين، فما أشد الدهشة التي تتولاهم حين يعلمون أن معظم الرجال _أعني الأبطال المشهورين_ يتضرعون إلى الله كل يوم أن يؤازرهم ويعاونهم”.
فالإنسان مهما استغنى فقير، ومهما حاز من الدنيا وظنَّ أنه قد ملكها ضعيف لا يملك من أمره شيئًا، ينغص حياته أرق أو مرض لم يحسب له حسابًا، فهو بحاجة دومًا إلى من يلهمه الصواب ويهديه إلى الحق ويطمئن به حين تشتد الخطوب، ويا لحظ المؤمن بمناجاته ربه فيتقوى بقوته، ويطمئن بقدرته، ويأنس به في وحشته.
الفكرة من كتاب جدد حياتك
يعدُّ هذا الكتاب عرضًا للمبادئ الراقية المتوافقة مع الفطرة، والتي وردت في كتاب “دع القلق وابدأ الحياة” لديل كارنيجي وردها إلى أصولها في الشريعة الإسلامية، فالإسلام هو دين الفطرة، وتعاليمه المعنية بكل شؤون الحياة هي توثيق لكل الأفكار الصحيحة والطبائع السليمة التي تنشد العيش في كمال وسلام، فمنطق الطبيعة الإنسانية الصحيحة في الوصول إلى طريق الخير يوافق الآيات السماوية في هداية الناس إلى الطريق المستقيم.
غير أن هذه الفطرة لا بدَّ أن تكون نقية وغير معتلَّة، فالفطرة السليمة هي التي تبيِّن لنا الحق والخير، ونحن وإن عجزنا عن كفِّ ذوي الفطر العليلة المشوَّهة عن الدين، فعلينا أن نفسح الطريق لأسوياء النفوس وذوي البصائر فينفعوا الناس بما شرع الله فيحسنون فَهم تعاليمه وعرضها.
مؤلف كتاب جدد حياتك
محمد الغزالي عالم ومفكر إسلامي مصري، ولد عام 1917 وتوفي عام 1996، تخرَّج في كلية أصول الدين، وتخصَّص في الدعوة والإرشاد، عمل بالتدريس في جامعة أم القرى بمكة المكرمة وفي كلية الشريعة في قطر، وعُيِّن وكيًلا لوزارة الأوقاف في مصر، تميَّز بأسلوبه الأدبي في الكتابة فأُطلق عليه لقب «أديب الدعوة»، وعُرِف عن الشيخ إلى جانب عاطفته الحاضرة قوَّته في الحق، فكان مدافعًا عن الإسلام، ومتصديًا للاستعمار، وانتقد الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي.
ترك ميراثًا كبيرًا من الكتب، منها: «خلق المسلم» و«عقيدة المسلم» و«ليس من الإسلام»، و«حقيقة القومية العربية وأسطورة البعث العربي» و«الفساد السياسي» و«فقه السيرة».