لا تبكِ على ما فاتك!
لا تبكِ على ما فاتك!
خلَّد القرآن كثيرًا من أحوال القرون السابقة ووضعها تحت أيدينا لكي نتدبَّرها ونأخذ منها العظة، أما أن تكون العودة إلى الماضي للتحسُّر عليه فهذا مما يكرهه الإسلام وينفر منه، قال ﷺ: “استعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان”، فنحن لا نملك تغيير الماضي، لذا كان عين العقل أن نجعل جهودنا على ما نملك حقيقةً وعلى ما بين أيدينا في حاضرنا، ولو تفكَّر الإنسان فيما بين يديه من النعم وقدَّرها حق قدرها لما سخط على أقدار الله، أن تكون معافًى قادرًا على الحركة برجليك والعمل بيديك وتتنفَّس الهواء بسهولة دون حاجة إلى مساعدة تبصر الألوان، وتسمع الضجيج والضحكات من حولك، أليست تلك نعمة ما بعدها نعمة؟
الإسلام يرى الحياة بحد ذاتها نعمة تستوجب أن نشكر الله عليها؛ نشكره أن وهب لنا الروح والإحساس وسخَّر لنا الليل والنهار ومكَّن لنا ما بين الأرض والسماء، فإن هذه الحياة الراقية تكريم من الله لنا ينبغي أن نعتز به ونؤدي حق الله فيه، غير أن الناس يغرقون في البكاء على ما ليس لديهم وربما ألفوا النعمة حتى اعتبروها حقًّا مكتسبًا غير مستحق للشكر فلا يفيقون إلا بفقد تلك النعم.
الفكرة من كتاب جدد حياتك
يعدُّ هذا الكتاب عرضًا للمبادئ الراقية المتوافقة مع الفطرة، والتي وردت في كتاب “دع القلق وابدأ الحياة” لديل كارنيجي وردها إلى أصولها في الشريعة الإسلامية، فالإسلام هو دين الفطرة، وتعاليمه المعنية بكل شؤون الحياة هي توثيق لكل الأفكار الصحيحة والطبائع السليمة التي تنشد العيش في كمال وسلام، فمنطق الطبيعة الإنسانية الصحيحة في الوصول إلى طريق الخير يوافق الآيات السماوية في هداية الناس إلى الطريق المستقيم.
غير أن هذه الفطرة لا بدَّ أن تكون نقية وغير معتلَّة، فالفطرة السليمة هي التي تبيِّن لنا الحق والخير، ونحن وإن عجزنا عن كفِّ ذوي الفطر العليلة المشوَّهة عن الدين، فعلينا أن نفسح الطريق لأسوياء النفوس وذوي البصائر فينفعوا الناس بما شرع الله فيحسنون فَهم تعاليمه وعرضها.
مؤلف كتاب جدد حياتك
محمد الغزالي عالم ومفكر إسلامي مصري، ولد عام 1917 وتوفي عام 1996، تخرَّج في كلية أصول الدين، وتخصَّص في الدعوة والإرشاد، عمل بالتدريس في جامعة أم القرى بمكة المكرمة وفي كلية الشريعة في قطر، وعُيِّن وكيًلا لوزارة الأوقاف في مصر، تميَّز بأسلوبه الأدبي في الكتابة فأُطلق عليه لقب «أديب الدعوة»، وعُرِف عن الشيخ إلى جانب عاطفته الحاضرة قوَّته في الحق، فكان مدافعًا عن الإسلام، ومتصديًا للاستعمار، وانتقد الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي.
ترك ميراثًا كبيرًا من الكتب، منها: «خلق المسلم» و«عقيدة المسلم» و«ليس من الإسلام»، و«حقيقة القومية العربية وأسطورة البعث العربي» و«الفساد السياسي» و«فقه السيرة».