الثبات والصبر والإيمان بالقضاء والقدر
الثبات والصبر والإيمان بالقضاء والقدر
إن امتلاء المؤمن بحقيقة أن كل شيء بيد الله يلقي في قلبه الطمأنينة ويحميه من الفزع، فتراه قويًّا في تقبُّله للمصائب والشدائد، فيحزن ولكن دونما جزع يبحث عن طريق آمن لإصلاح ما يمكن إصلاحه، ومن يضبط أعصابه أمام الأزمات يظفر في النهاية بجميل العاقبة.
إن الحياة الرغدة الخالية من المصاعب لا تخلق سعادة الرجال وعظمتهم بل على العكس، ومن اعتاد الشكوى والتذمُّر سيواصل الرثاء ولو نام على الحرير، أما العظمة والسعادة فإنهما دائمًا من نصيب رجال تحملوا مسؤوليات ثقالًا فلم يتهربوا منها مستعينين بالله (عز وجل) فأتموها كما كان ينبغي.
أما إذا فرغت النفوس من الله سيطرت عليها الظنون والخوف إما من حزن قد مضى وإما من حزن قد يأتي، غير أن علينا ألا نخلط بين التسليم بقضاء الله والرضا به، وبين البلادة التي تصيب بعض النفوس أو أخذ النوازل باستخفاف وسخرية، فالتسليم بقضاء الله لا يعني السكون والقعود والتعويل على مشيئة الله، فالرجل إن حلت به مظلمة يستطيع ردَّها فصبر يصبح صبره عليها جريمة، ورضاه بها معصية، أما إن عجز عن ردها فهذا محلُّ الصبر والرضا والتسليم، إن الإيمان بالقدر يضبط المشاعر ويخفف حدتها فتجد المؤمن أكثر اعتدالًا وثباتًا ومرونة، يعلم كيف يدع العاصفة تمر دون أن تكسره كما قال ﷺ: “مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تُميله، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تُستحصَد”.
الفكرة من كتاب جدد حياتك
يعدُّ هذا الكتاب عرضًا للمبادئ الراقية المتوافقة مع الفطرة، والتي وردت في كتاب “دع القلق وابدأ الحياة” لديل كارنيجي وردها إلى أصولها في الشريعة الإسلامية، فالإسلام هو دين الفطرة، وتعاليمه المعنية بكل شؤون الحياة هي توثيق لكل الأفكار الصحيحة والطبائع السليمة التي تنشد العيش في كمال وسلام، فمنطق الطبيعة الإنسانية الصحيحة في الوصول إلى طريق الخير يوافق الآيات السماوية في هداية الناس إلى الطريق المستقيم.
غير أن هذه الفطرة لا بدَّ أن تكون نقية وغير معتلَّة، فالفطرة السليمة هي التي تبيِّن لنا الحق والخير، ونحن وإن عجزنا عن كفِّ ذوي الفطر العليلة المشوَّهة عن الدين، فعلينا أن نفسح الطريق لأسوياء النفوس وذوي البصائر فينفعوا الناس بما شرع الله فيحسنون فَهم تعاليمه وعرضها.
مؤلف كتاب جدد حياتك
محمد الغزالي عالم ومفكر إسلامي مصري، ولد عام 1917 وتوفي عام 1996، تخرَّج في كلية أصول الدين، وتخصَّص في الدعوة والإرشاد، عمل بالتدريس في جامعة أم القرى بمكة المكرمة وفي كلية الشريعة في قطر، وعُيِّن وكيًلا لوزارة الأوقاف في مصر، تميَّز بأسلوبه الأدبي في الكتابة فأُطلق عليه لقب «أديب الدعوة»، وعُرِف عن الشيخ إلى جانب عاطفته الحاضرة قوَّته في الحق، فكان مدافعًا عن الإسلام، ومتصديًا للاستعمار، وانتقد الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي.
ترك ميراثًا كبيرًا من الكتب، منها: «خلق المسلم» و«عقيدة المسلم» و«ليس من الإسلام»، و«حقيقة القومية العربية وأسطورة البعث العربي» و«الفساد السياسي» و«فقه السيرة».