تهميش وإقصاء العلماء
تهميش وإقصاء العلماء
اتسعت رقعة تهميش العلماء وإقصائهم عن الساحة وعن دائرة صنع القرار والحياة العامة، وكانت نتيجة ذلك أن المجتمعات العربية فقدت جهود خير أبنائها ووضعت مقدَّراتها في أيدي أنصاف المتعلمين، وهو ما يعكس حالات التدهور الذي يحدث في قطاعات كثيرة، ومن المؤسف أن كثيرًا من علماء العالم العربي والإسلامي تخلَّوا عن دورهم في الإصلاح والقيادة إما خوفًا من البطش أو القهر، وإما طمعًا في المنصب والجاه، وبذلك فقدوا احترام الناس لهم، وفقدوا احترامهم لأنفسهم.
ومن ذلك ما تفعله وسائل الإعلام من تشويه للعلماء الذين هم نور هذه الأمة، وتركيز الإعلام العربي بفئتين فقط من فئات المجتمع لا ثالث لهما، أهل الفن وأهل الرياضة، بينما لا اهتمام بالعلماء والمثقفين، فقد يُقتل عالم في مجاله ولا أحد يهتم به ولا ينعاه، بينما يموت ممثل أو تموت راقصة فتقوم الدنيا ولا تقعد، ومن الأمور المُخجلة عندما نعلم ما يتم صرفه وإنفاقه على البحث العلمي وما يتم لهذا المجال المهم من ميزانيات الدول، عندما نعلم أن إسرائيل تلك الدولة الصغيرة تنفق على البحث العلمي أضعاف ما ينفقه العالم العربي مجتمعًا، ولا شك أن من الحروب الخفية محاربة الدول المعادية للعلماء لأنهم السبيل الأول والرئيس لنهضة الأمة.
فقد تردَّد كثيرًا أن إسرائيل كانت السبب الرئيس حول مقتل كثير من العلماء العرب، وأشهرهم سميرة موسى، ومصطفى مشرفة، وسعيد سيد بدير، وعبده عبد العال، ومما ذكر عن أحد الجنرالات الفرنسيين: “إن نحو ١٥٠ من قوات الكوماندوز الإسرائيلية دخلوا العراق سرًّا وبالتعاون مع قوات المارينز الأمريكيين بهدف تصفية العلماء العراقيين”، والعلماء الذين لم تقتلهم إسرائيل وأمريكا قتلناهم نحن ماديًّا ومعنويًّا بإهمالهم وإهمال أبحاثهم.
الفكرة من كتاب معوقات النهضة العلمية في الدول العربية والإسلامية
إن المتأمل في واقع العرب والمسلمين اليوم يدرك لأول وهلة التخبُّط الذي يعيشون فيه، والعشوائية التي يتعاملون بها مع كل صغيرة وكبيرة من شؤون حياتهم، ويلاحظ كذلك غياب المنهج العلمي عن حياتهم الخاصة والعامة، وهذا هو السبب الرئيس لمعاناتهم في مجالات كثيرة، وتخلُّفهم عن ركب الحضارة التي وضع أسلافهم أسسها ومناهجها، وتلك المجتمعات العربية والإسلامية تعاني من ثالوث مدمر قادر على الفتك بها وبأقوى الأمم، والعقول العربية مغيَّبة ومقيَّدة وممنوعة من التفكير، والدليل على ذلك أن لديهم المنهج الذي ساد به أوائلهم، لكنهم أعرضوا عن هذا المنهج ولم يأخذوا به وذهبوا يلتمسون الحل في مناهج أخرى وضعية تخلى عنها أصحابها.
مؤلف كتاب معوقات النهضة العلمية في الدول العربية والإسلامية
محمد إبراهيم خاطر: كاتب وحاصل على بكالوريوس العلوم في الكيمياء، ودبلوم الدراسات الإسلامية، ويعمل مدربًا، وله عدد من الكتب منها: “عصر الرقص”، و”الإعلام والتوعية البيئية”، و”السلامة الصحية والمواد الخطرة”، و”الشباب ودورهم في التغيير والإصلاح”، كما أن له أكثر من 1000 مقال نُشرَت بصحيفة الوطن القطرية، وعدد من المجلات والمواقع الإلكترونية.