نظرية الأخلاق الإسلامية
نظرية الأخلاق الإسلامية
تقوم النظرية الأخلاقية الإسلامية على مسلَّمتين، إحداهما: “لا إنسان بغير أخلاق”، والثانية: “لا أخلاق بغير دين”؛ وتترتب على هاتين المسلمتين نتيجة مفادها “لا إنسان بغير دين”، مما يدفعنا إلى تعريف الإنسان بكونه الكائن الحي المتدين، فالهوية الإنسانية في حقيقتها هوية دينية.
وتأثر القدماء بفلسفة اليونان، فدفعهم ذلك التأثر إلى التفريق بين “العقل والشرع”، فمنهم من ذهب إلى أن الشرع تابع للعقل، وآخر إلى أن العقل تابع للشرع، وثالث جعل العقل مكملًا للشرع؛ وفي الحقيقة “الشرع والعقل لا يفترقان”، فالعقل شرع من داخل، والشرع عقل من خارج، فوسائل العقل وسائل شرعية دخلت عليها الصناعة العلمية، ووسائل الشرع وسائل عقلية جاءت وفق الفطرة الطبيعية، وينتج عن هذا الجمع بين العقل والشرع أن الأخلاق الإسلامية أخلاق كونية.
كما أن من نتائج هذا التأثر كذلك أن فرَّقوا بين “العقل والقلب”، فجعلوا العقل جوهرًا قائمًا بذاته، بينما الشواهد القرآنية تثبت العكس، فالعقل فعل من أفعال القلب، فالتعقُّل هو فعل يقوم به القلب، وينتج عن هذا الجمع بين العقل والقلب أن الأخلاق الإسلامية أخلاق عميقة.
كما أن من نتائج هذا التأثر أن فرَّقوا بين “العقل والحِس” مما أورث نوعًا من عبادة العقل أشبه بالوثنية العقلية، وفي الحقيقة فإن النص القرآني قد “جمع بين العقل والحِس”، ففي النظر عقل، وفي السمع عقل، وينتج عن هذا الجمع بين العقل والحِس أن الأخلاق الإسلامية أخلاق حركية لا جامدة أو منغلقة.
الفكرة من كتاب سؤال الأخلاق.. مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية
قد التبس الأمر على دُعاة العقلانية من المُحدَثين، فظنُّوا أن العقلانية واحدة لا ثاني لها، وليس الأمر كذلك، إذ تأتي العقلانية على قسمين، فهناك “العقلانية المجردة من الأخلاقية” وتلك يشترك فيها الإنسان مع البهيمة، وهناك “العقلانية المُسدَّدة بالأخلاقية”، وتلك يختص بها الإنسان عمَّن سواه، فالأخلاقية هي ما يكون بها الإنسان إنسانًا، إذ يجب أن تتجلى الأخلاقية في كل فعل من أفعال الإنسان.
مؤلف كتاب سؤال الأخلاق.. مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية
الفيلسوف المغربي المجدد طه عبد الرحمن، متخصِّص في علم المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق، أحد أبرز الفلاسفة والمفكرين منذ سبعينيات القرن الماضي.
كتب العديد من الكتب التي يؤسس من خلالها فلسفة إسلامية جديدة، ومن تلك الكتب: “العمل الديني وتجديد العقل”، و”روح الحداثة”، و”بؤس الدهرانية”، و”ما بعد الدهرانية”.