كعبق الفلِّ وأكثر
كعبق الفلِّ وأكثر
يحكي الكاتب أنه كان يمرُّ بحوض زراعي صغير مسوَّر بشبك حديدي وهو في طريقه إلى المسجد في كل يوم يذهب فيه إلى صلاة الفجر، وأنه كان يستنشق من ذلك الحوض عبق زهرة الفل فيمكث حتى يملأ صدره منها، وبعد فترة لاحظ أن تلك الزهرة تتنعَّم عليه بعبقها وقت صلاة الفجر فقط!
وكما أن لعبق زهرة الفل وقتًا معينًا، فكذلك كل إنسان له وقت معين يعطيك فيه أحلى وأبهى ما عنده، فلا يعجل الناس بعضهم على بعض، فقد تمر بالمرء ظروف وأزمات وأوقات ليست جيدة، بل وأمراض أحيانًا وليست هي الأصل، بل هي عوارض على شخصياتهم، فلا تكون مقياسًا لما هم عليه من خلق حسن ونبل وشهامة.
إن طبائع البشر غنية بالاختلافات والتقلُّبات والمستويات المزاجية المختلفة المفهومة وغير المفهومة، ومن ثم فإن ضحكهم وبكاءهم وابتساماتهم قد تخبرك برسائل مختلفة في كل مرة، وقد تتلوَّن وتتبدَّل ولا تكون على وتيرة واحدة في كل مرة أيضًا تصدر منهم تبعًا للتغيرات التي يمرون بها، وهنا يأتي التغافل والتحمُّل والتغاضي وحسن الظن ويظهر معدن الأنفس في التعامل فيما بينهم.
لا تتخذ موقفًا من شخص ما في وقت ليس هو وقت انتشار عبقه الأصيل، ومثل تلك المواقف تُتخذ في لحظة غضب أو انتقام أو عجلة، وأنك إن تأملت قليلًا لباغتك سيل من المواقف والمحاسن لذلك الشخص الذي قررت محو سجله المعطاء في لحظة لعارض أصابه لا تعلمه ولا أهمية في أن تعلمه، كل ما عليك هو أن تتعامل معه بالأصل الذي علمته فيه وأما ما طرأ عليه فهو عارض فتغاضَ عنه واستمتع بعبقه الأصيل.
الفكرة من كتاب سوار أمي
مجموعة من الموضوعات الحياتية المتنوعة يرويها الكاتب من زاويته الخاصة ومن تجاربه الفريدة ليصوغ منها حكمًا ومواعظ رقيقة تدلف إلى القلب شيئًا فشيئًا حتى تستقر فيه، فليست تشبه تلك المواعظ الجامدة التي لا روح فيها، وإنما هي مصبوغة بصبغة الناصح الأمين والواعظ الصادق.
مؤلف كتاب سوار أمي
علي بن يحيى بن جابر الفيفي، كاتب، حصل على بكالوريوس في تخصص الدعوة، إلى جانب حصوله على درجة الماجستير في تخصص الدعوة والاحتساب.
ومن مؤلفاته:
لأنك الله.
يوسفيات.
الرجل النبيل.