ظل العطاء
ظل العطاء
إن صنائع المعروف لا تقي مصارع السوء فحسب، بل إنها تجلب للمرء من التيسير والبركة والرزق الشيء الكثير، ومن أكثر المشاهد وضوحًا ودلالة على ذلك مشهد موسى الكليم (عليه السلام) الهارب من مصر إلى أرض مدين حين رأى الفتاتين تذودان غنمهما عن الرجال حتى ينتهوا، فسقى لهما وهو المطارد الخائف الغريب الفقير الطامع فيما عند الله من خير فتأتيه الإجابة في زوجة ورجل صالح وعمل وسكن وكسب طيب!
يخطئ الكثير حين يقصد بعطائه الناس، ولذا تجده مهمومًا مقهورًا حين لا يجد رد فعل منهم تجاه عطائه وخدمته لهم، ولن يجد ذلك منهم في أغلب الأوقات بخلاف من يعطي ولا ينتظر ولا يطمع فيما عند الناس، فهكذا تأتي المنح والعطايا الربانية بشكل لا يوصف ولا يُتصوَّر، والآخر يتقلَّب على جمر الندم لم ينل من خير الدنيا ولا طمع في خير الآخرة.
للعطاء والمعروف أشكال متنوعة ولا يقتصر على طريقة أو أسلوب واحد، وله شأن في الإسلام يجعله يجتمع بالإيمان والجهاد في حديث واحد! فهذا أبو ذر يسأل النبي (صلى الله عليه وسلم): “أي العمل أفضل؟ فيقول النبي (صلى الله عليه وسلم): إيمان بالله وجهاد في سبيله، فيقول أبو ذر: فأي الرقاب أفضل؟ فيقول النبي: أغلاها ثمنًا وأنفسها عند أهلها، فيقول أبو ذر: فإن لم أفعل؟ فقال النبي: تعين صانعًا أو تصنع لأخرق”، وفي تقديم الصانع على غيره هنا لطيفة يذكرها ابن حجر، ذلك أن غير الصانع مظنة العون والمساعدة بخلاف الصانع الذي قد يغفل عنه الكثير وهو بحاجة إلى المعروف والعون.
إذًا فالكل بحاجة إلى المعروف والعطاء، والمسلم كالنخلة كثيرٌ خيرها وطيِّبٌ ثمرها ودائمٌ ظلها، فهو يعطي ويرعى ويؤنس من حوله ثم يتولى إلى الظل طامعًا فيما هو خير وأبقى!
الفكرة من كتاب سوار أمي
مجموعة من الموضوعات الحياتية المتنوعة يرويها الكاتب من زاويته الخاصة ومن تجاربه الفريدة ليصوغ منها حكمًا ومواعظ رقيقة تدلف إلى القلب شيئًا فشيئًا حتى تستقر فيه، فليست تشبه تلك المواعظ الجامدة التي لا روح فيها، وإنما هي مصبوغة بصبغة الناصح الأمين والواعظ الصادق.
مؤلف كتاب سوار أمي
علي بن يحيى بن جابر الفيفي، كاتب، حصل على بكالوريوس في تخصص الدعوة، إلى جانب حصوله على درجة الماجستير في تخصص الدعوة والاحتساب.
ومن مؤلفاته:
لأنك الله.
يوسفيات.
الرجل النبيل.