عن رحمة الله وكرمه
عن رحمة الله وكرمه
حين نمر بظروف صعبة، نتذكر قول الله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾، فنتذكر أننا أخطأنا كثيرًا في حق الله ونندم، والندم ينبغي أن يدفعنا إلى التوبة الجادة، لا أن يدفعنا إلى الاكتئاب وجلد الذات، فتلك مكيدة من الشيطان، ولا ملجأ من الله إلا إليه، والله يستر على عباده، فالندم مرحلة لا ينبغي أن نتجمَّد عندها، بل إحساس مؤقت ننتقل منه فورًا إلى إصلاح أخطائنا بإيجابية ونحن نحسن الظن بالله أنه سيعيننا ويقبل توبتنا، فهو العفو التواب الغفور الرحيم.
حين نُبتلى نُذكر أنفسنا أن الله هو الرحمن الرحيم، وأن الفرح الحقيقي لا يأتي إلا برحمة الله، ولكي ننالها علينا أن نمتثل لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾، فنعوِّد أنفسنا على الإحسان وبذل الخير دائمًا، ونذكِّر أنفسنا بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “مَن نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كُرَب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”.
ومهما اشتد البلاء فإن فيه ألوانًا من لطف الله، نتأملها، ونعمِّق فهمنا لأسماء الله تعالى لنبني حبنا له سبحانه على أسس سليمة ثابتة. في وقت البلاء والشدة علينا أن نسلِّم أمرنا إلى الله الذي نؤمن ونستعين به، وأن نفوِّض أمرنا إليه، وألا يسمح أحدنا لنفسه أن يشعر بالخوف أو القلق أو الوحشة لأننا بذلك نناقض أنفسنا!
وليس لتناقضنا ذاك إلا تفسير من ثلاثة، إما أن ادعاءنا التسليم والتوكل هو ادعاء باطل، مع أننا نكرره في اليوم عشرات المرات، وإما أننا توكَّلنا على الله فخذلنا -تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا- فهو القائل ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾، وأما التفسير الثالث فكأن الشاكي يقول إن الله لم يكفِه وإنه ينسب الضعف إلى ربه، تعالى الله عن ذلك؛ هو القاهر فوق عباده وهو على كل شيء قدير؛ إنه السميع البصير مجيب الدعاء وهو الرحمن الرحيم الودود القريب، لا يشغله سائل عن سائل ولا يضيع أحد عنده في الزحام، فأنَّى لنا أن نشعر بالوحشة أو القلق أو الضياع وهو ربنا سبحانه!
الفكرة من كتاب حسن الظن بالله
يقول (صلى الله عليه وسلم): يقول الله تعالى: “أنا عند ظن عبدي بي”، فمن ظن بالله خيرًا أفاض عليه جزيل خيراته وجميل كراماته، ومن عامل الله باليقين أدهشه الله من عطائه بما يفوق خياله، فالله جل جلاله يعامل عباده على حسب ظنونهم به، ويفعل بهم ما يتوقعونه منه وفوقه.
يأخذنا هذا الكتاب في رحلة نتعلَّم فيها معنى حسن الظن بالله، وكيف نحوِّل المحنة إلى منحة، وكيف نستمتع بنعمة البلاء، وكيف نستبشر بكل الأمور، وكيف نعلِّق قلوبنا بالله سبحانه ونطهرها من العتب على الأقدار، ونعرف الأُسس التي يُقام عليها حسن الظن بالله، ومنها تأمُّل أسماء الله تعالى وصفاته، وتأمُّل نعم الله، والتعلق بالدار الآخرة.
مؤلف كتاب حسن الظن بالله
إياد عبد الحافظ قنيبي: دكتور في علم الأدوية الجزيئي، حاصل على الدكتوراه من جامعة هيوستن الأمريكية ومارس بحثه في مركز تكساس الطبي، وقد شارك في براءتي اختراع في مجال التئام الجروح، وعدد من الأبحاث العلاجية في مجالات عدة، كما أنه أحد ثلاثة مراجعين أكاديميين لأكثر كتب علم الأدوية انتشارًا في العالم، وهو كتاب Lippincott Illustrated Reviews: Pharmacology في الطبعة الثامنة من الكتاب الصادرة في عام 2018، ويعمل حاليًّا في كلية الصيدلة بجامعة جرش في الأردن.
كما تلقَّى الدكتور إياد العلوم الشرعية عن عدد من العلماء بجهد ذاتي، وله مقالات ومحاضرات في مجالات متنوِّعة مثل بناء الإيمان على أسس منهجية والرد على الشبهات وسلاسل في التأملات القرآنية، ومناقشات منهجية في سلسلة رحلة اليقين، وسلسلة المرأة، ويمكن متابعة تلك السلاسل المرئية وغيرها على يوتيوب، ومن مؤلفاته: متعة التدبُّر، وندى تشتكي لعائشة، وتحرير المرأة الغربية القصة الكاملة.