عن حكمة الله ووُده
عن حكمة الله ووُده
طريقنا في بناء حسن الظن بالله يبدأ بتأملنا وتدبرنا في أسماء الله وصفاته، فعلينا أن نثق بحكمة الله في ابتلائه لنا فهو الحكيم، وأن نوقن بحكمته في اختيار مدة البلاء، ونتفكر في ذلك، ونستذكر حال رسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وحال المسلمين في صدر الإسلام، وابتلاءات الأنبياء، ونتفكر في ابتلاءاتنا ومن حولنا، فتُفتح لنا كنوز عظيمة، ومن حكمته سبحانه أنه يمنح أصحاب الابتلاءات الصعبة مذاقات لا توصف من السكينة والرضا، ولا يبتليهم بما يفوق طاقاتهم، ونحن لا ندرك إلا قليلًا من حكمة الله، إلا أن قلوبنا تطمئن.
والله تعالى ودود وشكور، يرضى عن عبده ويكرمه بأعمال بسيطة جدًّا ربما لا يُلقي لها بالًا شرط أن تكون خالصة لوجهه، كما في قول النبي (صلى الله عليه وسلم): “إنَّ الرَّجُلَ ليَتَكَلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوانِ اللَّهِ تَعالى مَا كَانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بلَغَتْ يكْتُبُ اللَّه لَهُ بهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يلْقَاهُ…”، وفي قوله (صلى الله عليه وسلم): قد أُريتُ رجلًا يتقلَّبُ في الجنَّة في شجرةٍ قطعَها مِنْ ظهرِ الطَّريقِ كانت تُؤْذِي المسلِمينَ”، ويضاعف الله الحسنة إلى عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضِعف إلى أضعاف كثيرة.
والله يبتلينا ويثيبنا على صبرنا الذي وفقنا إليه، فالصبر لا ينبع من نفوسنا الضعيفة، وإنما ينزل من عند الله، لذا على المرء أن يتبرَّأ من حوله وقوته، ويصلح علاقته بالله ليكون في معيَّته، ويطلب العون من المعين، فلا بلاء أكبر من إعانته، وكل مشقةٍ تهون ابتغاء مرضاته.
ولا ينبغي أن يكون حبنا لله تعالى مشروطًا بدوام النعم والمصالح الدنيوية، فالشخص الحُبشَرطيُّ –كما يسميه المؤلف- يفعل من المحرمات ما يظن أنه لا يحرمه من المصالح الدنيوية، ومن الطاعات ما يظن أنه يأتيه بما يريد ولسان حاله أني أديت ما عليَّ فأين ما توقَّعته من الله؟
وربما في كل منا نفسية الحبشرطيِّ ذاك بدرجات متفاوتة، فنبحث في أنفسنا ونحاول إصلاحها ببناء حب الله على أسس سليمة لا تزول بالمتغيِّرات، وهي كثيرة، منها: استحقاق الله تعالى للعبادة لذاته العظيمة، والتفكُّر في أسمائه وصفاته، وذاك هو الأساس الأعظم، وكذلك تعلُّق القلب بالآخرة ونعيم الجنة، والعرفان بنعمة الهداية، واستحضار أن نعم الله لا تُعدُّ ولا تحصى في كل محطات حياتنا.
الفكرة من كتاب حسن الظن بالله
يقول (صلى الله عليه وسلم): يقول الله تعالى: “أنا عند ظن عبدي بي”، فمن ظن بالله خيرًا أفاض عليه جزيل خيراته وجميل كراماته، ومن عامل الله باليقين أدهشه الله من عطائه بما يفوق خياله، فالله جل جلاله يعامل عباده على حسب ظنونهم به، ويفعل بهم ما يتوقعونه منه وفوقه.
يأخذنا هذا الكتاب في رحلة نتعلَّم فيها معنى حسن الظن بالله، وكيف نحوِّل المحنة إلى منحة، وكيف نستمتع بنعمة البلاء، وكيف نستبشر بكل الأمور، وكيف نعلِّق قلوبنا بالله سبحانه ونطهرها من العتب على الأقدار، ونعرف الأُسس التي يُقام عليها حسن الظن بالله، ومنها تأمُّل أسماء الله تعالى وصفاته، وتأمُّل نعم الله، والتعلق بالدار الآخرة.
مؤلف كتاب حسن الظن بالله
إياد عبد الحافظ قنيبي: دكتور في علم الأدوية الجزيئي، حاصل على الدكتوراه من جامعة هيوستن الأمريكية ومارس بحثه في مركز تكساس الطبي، وقد شارك في براءتي اختراع في مجال التئام الجروح، وعدد من الأبحاث العلاجية في مجالات عدة، كما أنه أحد ثلاثة مراجعين أكاديميين لأكثر كتب علم الأدوية انتشارًا في العالم، وهو كتاب Lippincott Illustrated Reviews: Pharmacology في الطبعة الثامنة من الكتاب الصادرة في عام 2018، ويعمل حاليًّا في كلية الصيدلة بجامعة جرش في الأردن.
كما تلقَّى الدكتور إياد العلوم الشرعية عن عدد من العلماء بجهد ذاتي، وله مقالات ومحاضرات في مجالات متنوِّعة مثل بناء الإيمان على أسس منهجية والرد على الشبهات وسلاسل في التأملات القرآنية، ومناقشات منهجية في سلسلة رحلة اليقين، وسلسلة المرأة، ويمكن متابعة تلك السلاسل المرئية وغيرها على يوتيوب، ومن مؤلفاته: متعة التدبُّر، وندى تشتكي لعائشة، وتحرير المرأة الغربية القصة الكاملة.