مفهوم الثقافة
مفهوم الثقافة
تحمل الدلالة اللغوية لكلمة الثقافة عدة معانٍ تدور حول التفوق الفكري للإنسان، فالثقيف أو الثَّقف هو المتفوق الذي يضبط المعرفة، والثقافة هي التي نال التفوق بها، ويدور معنى الثقافة حول تقويم الأشياء لتصير معتدلة، وقد شاع لفظ الثقافة في العالم العربي، وغالب التعريفات المستخدمة منقولة من الغرب، منها: “الثقافة هي الكل المركب الذي يضم المعرفة والمعتقدات والفن والأخلاق والقانون والتقاليد، والقدرات التي يكتسبها الإنسان من حيث هو عضو في المجتمع”، وعليه فالثقافة تختص بالأبعاد المعنوية وليس المادية، وأنها مسائل كلية متصلة لا تتجزَّأ، وأنها تتمايز وتتباين بين المجتمعات.
وهناك عدة عناصر أساسية تشكِّل كل ثقافة، وهي أنها مفسرة للوجود، أي تضع تصوُّرات ذهنية تجيب عن الأسئلة الكبرى، ما الإنسان وما أصله وما حقيقته، وما مصيره، ما الكون وما علاقة الإنسان به؟ وكذلك هناك القيم والمعايير التي يتعامل بها الإنسان مع الحياة وتنعكس على الثقافة، وأخيرًا النظم التشريعية وهي العبادات والتعاملات مع الحياة الاجتماعية.
بناءً على ما سبق فعندما يُطلق مصطلح “ثقافة إسلامية” فنتحدث عن العناصر الثلاثة؛ تفسير الوجود والقيم والنظم التشريعية، التي تعبِّر عن الانتماء إلى الإسلام، والالتزام بمبادئه ومناهجه، ومن ثم فهذه الثقافة الإسلامية تُستمد في الأساس من تعاليم الإسلام، من القرآن والسنة، وهنا يظهر سؤال مهم؛ هل الثقافة الإسلامية تنحصر في العلوم الشرعية المعروفة، كالفقه والحديث والتفسير؟ يجيب الكاتب هنا بأن الثقافة الإسلامية لها سمات الشمولية والواقعية، وأن العلوم الشرعية النقلية قد مرَّت بمرحلتين تاريخيتين؛ الأولى كان فيها العلم الشرعي مستمدًّا من القرآن والسنة، وكان يُجرى تطبيقه في كل أو جل مناحي الحياة، وكان العالم الشرعي وقتها لديه فهم عميق وإلمام بجميع التفاصيل الحياتية أو غالبها عبر الاجتهادات والاستنباطات والتصانيف الغزيرة، أما في المراحل المتأخرة للعالمين العربي والإسلامي، فقد ظهرت معارف متخصصة نظرية وتطبيقية لم تنبثق من الأصول الإسلامية من ناحية، وبعيدة عن واقع الحياة العملية من ناحية ثانية.
الفكرة من كتاب المثقف العربي بين العصرانية والإسلامية
يطرح هذا الكتاب بعدًا نظريًّا وبعدًا واقعيًّا، البعد النظري يدور حول ماهية الثقافة وموقعها من المجتمعات، وشخصية المثقف ومقوماته، والبعد التطبيقي يختصُّ بالتحوُّلات الثقافية في العالم العربي في القرنين الماضيين، وتأمل حال من تسمَّوا بالنخبة الثقافية عصرانيين كانوا أو إسلاميين، مع وضع تصور للخصائص والمؤهلات والملكات التي ينبغي أن يتحلى بها المثقف المسلم في العصر الحديث.
مؤلف كتاب المثقف العربي بين العصرانية والإسلامية
الدكتور عبد الرحمن بن زيد الزنيدي: أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود، وعضو المجلس العلمي بمركز البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الشؤون الإسلامية بالمملكة العربية السعودية.
من أهم مؤلفاته: “مصادر المعرفة بين الفكر الديني والفلسفي”، و”السلفية وقضايا العصر”، و”حقيقة الفكر الإسلامي”، و”مناهج البحث في العقيدة الإسلامية في العصر الحاضر”.