المؤسسات الدولية
المؤسسات الدولية
من أجل إحكام السيطرة على النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية ظهر ما يسمَّى بالحوكمة العالمية، والتي تتمثَّل في مجموعة من الالتزامات والمعاهدات التي يجب على أفراد المجتمع الدولي الالتزام بها لنيل الاعتراف العالمي، فالعالم اليوم وإن كان لا يخضع لحكومة عالمية لبعض الاعتبارات المتعلقة بالسيادة الوطنية والمصالح الدولية المتضاربة، فإنه في الوقت نفسه لا يسبح في فوضى عارمة، لذا كانت المؤسسات الدولية التي تم إنشاؤها عقب الحرب بمثابة المحطة الفاصلة بين الفوضى العارمة والحكومة العالمية.
وبسبب العولمة المتزايدة بين دول العالم في العديد من المجالات وبخاصةٍ ما يتعلَّق منها بالتجارة والتمويل والأمن والتأثير المتنامي للقوى الصاعدة في الحوكمة العالمية واختلاف أجندة المصالح، برزت الحاجة إلى مزيد من تنسيق الجهود المشتركة وترويض الدوافع المعاكسة، فدائمًا ما كانت المصالح المتناقضة للدول هي العقبة الأبرز أمام فاعلية النظام الدولي الراهن، وأصبح المسرح العالمي يعيش نوعًا ما من الجمود والفراغ، ما جعل الأمور لا تبشِّر على نحو واضح بأي تحوُّل إلى الأفضل، فلا أحد يقود الحافلة اليوم لذا حتمًا ستصطدم!
ومما يضفي على الأمر نوعًا من السخرية، أن الأنظمة الدولية الراهنة لا تعرف سياسة الكيل بمكيالين كما يروِّج البعض، وإنما تكيل فقط بمكيال واحد وهو مصلحة الدول العظمى، فهي أصبحت سيفًا مسلطًا على رقاب الضعفاء من الدول، وعادةً ما تتقمَّص دور سوط الجلاد على ضحيَّته، وما أحداث العراق وليبيا وسوريا عنا ببعيد، فالقانون الدولي يتوقَّف حين تبدأ مصلحة الدول الكبرى، وبإيجاز شديد يمكن القول إن ما يحدث على الساحة الآن هو حوكمة مجزَّأة وليست جيدة بما يكفي، وبدلًا من أن يتنصَّل المجتمع الدولي من مسؤوليته فعليه النظر في إصلاحات أكثر عمقًا لتأمين حلول أكثر استدامة، فالفيل مهما فعل لن يمكنه الاختباء خلف الفئران.
الفكرة من كتاب إعادة النظر في النظام الدولي الجديد
في اللحظة التي بلغ فيها النظام الدولي درجة لم يعرفها قط من الاستقرار النسبي، يتأزَّم كلٌّ من البعدين السياسي والاقتصادي للنظام العالمي، ورغم أن هناك مجموعة واسعة من المؤسسات الدولية الكبرى على رأسه؛ فإنها على درجة من الضعف جعلها تلقَى فقط اعترافًا شكليًّا في معظم الدول ولا تصلح أساسًا متينًا لنظام دولي مستقر، لذا كانت أهمية هذا الكتاب ليطلعنا على الماضي والواقع والمستقبل في آن واحد.
مؤلف كتاب إعادة النظر في النظام الدولي الجديد
يورغ سورنسن Georg Sorensen: أستاذ العلوم السياسية ونظم الحكم في جامعة آرهوس، حصل على الماجستير في العلوم السياسية 1975، وعلى درجة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية 1983، وكان عضو مجلس البحوث الأوروبي 2012، وعضو مجلس إدارة معهد أبحاث السلام في أوسلو 2013.
له العديد من المؤلفات منها: “الدول الهشة: العنف وفشل التدخل”، و”نظام عالمي ليبرالي في أزمة.. الاختيار بين الفرض وضبط النفس”، و”تحول الدولة.. ما وراء أسطورة التراجع”.