الطاقة وخيارات المستقبل
الطاقة وخيارات المستقبل
على مر العقود الأخيرة وبعد اكتشاف النفط، كانت الطاقة السبب الذي اندلعت لأجله أغلب الحروب في العصر الحديث، فلا يظهر كشف لأحد آبار النفط أو حقول الغاز إلا ويسيل لعاب الشرق والغرب للسيطرة عليه، وبالرجوع قليلًا إلى الوراء نجد ذلك واضحًا في حروب الخليج الأولى والثانية واحتلال العراق، وفي الواقع المعاصر اليوم نجد كذلك المناوشات المشتعلة في البحر الأبيض المتوسط نتيجة الكشوفات الأولية للاحتياطيات الهائلة من الغاز، والذي تتسارع دول حوض المتوسط الآن عليه لاقتسام الكعكة، فلا شك أن الطاقة هي وقود المستقبل، لذا فالحرص على ضمان تدفُّق إمداداتها في المستقبل أمر بديهي.
وما دامت الطاقة بتلك الأهمية، على العالم أن يحفظ حق الأجيال القادمة عبر توجيه تدفُّقات الطاقة ناحية تلبية الاحتياجات الإنسانية، والعمل على زيادة كفاءتها وتقليل الهدر غير المبرر في المواد الأولية، كما يجب على شركات الطاقة الكبرى أن تلتزم بمعايير السلامة والصحة العالمية في أثناء عمليات الاستخراج والنقل والاستخدام، فلا بدَّ أن يتم اتخاذ كل إجراءات السلامة وحماية البيئة ضد أشكال التلوث المختلفة، لا سيما مع تشوُّه الطلب على منتجات الطاقة حيث يتركَّز الطلب العالمي في الدول الصناعية الكبرى، حيث تستهلك تلك الدول ما يقرب من ثلاثة أرباع الطاقة الأولية في العالم ككل.
لذا يرى الخبراء أنه لا مفر من خضوع جميع الدول بلا استثناء لسياسة خفض مستويات الطاقة المستخدمة، مع الأخذ في الاعتبار الطموحات المشروعة للدول النامية في متطلَّبات التنمية المحلية، كما يمكن أن تؤدي الوسائل التكنولوجية الحديثة لتطوير مصادر الطاقة النظيفة إلى تخفيف حدَّة المشكلة، فالعالم اليوم يجد نفسه مضطرًا إلى الاتجاه إلى ما بات يعرف بالاقتصاد الأخضر، وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية من الفحم والنفط، فالغاز الطبيعي والطاقة الشمسية وطاقة الرياح تعد أشكالًا أكثر استدامة من شأنها أن تقلِّل من الأثر الكارثي للغازات الدفيئة في المناخ العالمي، فلا بدَّ من الإسراع في عملية الإصلاح وإلا سيسقط المعبد على الجميع.
الفكرة من كتاب مستقبلنا المشترك
لقد شاءت حكمة الله أن يجعل الأرض محور الحياة الإنسانية، فأمدَّها بجميع ما يحتاج إليه الإنسان الذي تمكَّن من تطوير حضارات متقدِّمة أتاحت فرصة الارتقاء وتحقيق الرفاه عبر الاستفادة والتمتُّع بالثروات الطبيعية الهائلة وتحقيق التقارب بين أجزاء الكرة الأرضية بواسطة التقدم في وسائل الاتصالات والمواصلات الحديثة، ولكن هل لتلك الأشياء أن تستمر في المستقبل؟! فإذا كان الغد وليد الحاضر فعلينا أن نقلق جراء تلك الممارسات غير المسؤولة من البشر والتي تهدِّد النظام الكوكبي بأكمله، فهذا الكتاب أشبه بناقوس خطر لمستقبل مجهول!
مؤلف كتاب مستقبلنا المشترك
اللجنة العالمية للبيئة والتنمية: تمَّ تشكيلها في إثر قرار الجمعية العامة رقم 38/161 الصادر عن الدورة الـ38 للأمم المتحدة في خريف 1983، وقد عملت اللجنة بوصفها هيئة مستقلة على بناء مستقبل أكثر ازدهارًا وعدالةً وأمنًا، لأنها تستند إلى سياسات وممارسات من شأنها توسيع واستدامة القاعدة البيئية للتنمية في مجالات السكان والطاقة والصناعة والأمن الغذائي، والعلاقات الاقتصادية الدولية والتعاون الدولي وإدارة البيئة.