حال أمتنا
حال أمتنا
إن أمة الإسلام مكلفة من الله (عز وجل) بحمل رسالته للناس أجمعين، ولن تستطيع أن تقوم بهذه المهمة إلا إذا تقوَّت بالإيمان الذي يعين أبناءها على ترجمة هذه الرسالة إلى واقع حي يراه الناس، ويولِّد داخلهم القوة الدافعة للقيام بمهمة البلاغ، لذلك نجد أن الله (عز وجل) قد ربط بين علوِّنا وقيادتنا للبشرية وبين الإيمان الذي تحمله صدورنا، وأن الإيمان هو أهم شرط للتمكين، وليس معنى القول إن مشكلة أمتنا مشكلة إيمانية هي ترك الأخذ بأسباب التقدم المادية، أو ترك الجهاد لتبليغ الدعوة وإقامة المشروع الإسلامي، بل المقصد هو إعادة ترتيب الأولويات، فالإيمان أولًا ثم يلي ذلك توجيه وتصريف الطاقة التي يولدها في المجالات المختلفة.
فإن أعظم مقوٍّ للإيمان هو القرآن، فالقرآن هو المنبع العظيم للإيمان الذي لا يوجد له مثيل، وللتأكيد فهذا المعنى هو أن نتأمل ما حدث مع الجيل الأول حينما أحسنوا التعامل مع القرآن، وحين استقبلته قلوبهم الاستقبال الصحيح كانوا سادة الأرض في سنوات قليلة.
فإذا كان القرآن قد صنع الجيل الأول، فإنه قادر بإذن الله أن يصنع أجيالًا ربانية جديدة، وأن يخرج الأمة بإذن الله من أزمتها، ويعيد إليها مكانتها، ففي حديث حذيفة بن اليمان حين أخبره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بما سيحدث من اختلاف وفرقة بعده، فقال حذيفة: فقلت: يا رسول الله فما تأمرني إن أدركت ذلك، قال: “تعلَّم كتاب الله (عز وجل)، واعمل به فهو المخرج من ذلك”.
من هنا فإن نقطة البداية الصحيحة في طريق الانتفاع بالقرآن هي زيادة الإيمان والثقة به كمصدر متفرد للهداية والشفاء والتغيير، حتى لا نصير كما قال ابن عمر (رضي الله عنه): “ولقد رأيت رجالًا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يقف عنده، وينثره نثر الدقل”.
الفكرة من كتاب تحقيق الوصال بين القلب والقرآن
مع تيسُّر القرآن للجميع إلا أن غالبية الأمة قد أعرضت عنه كمصدر متفرد لتوليد الإيمان وتقويم السلوك، واكتفت منه بتحصيل الأجر والثواب المترتب على تلاوته وحفظه، بالإضافة إلى ذلك الواقع المرير الذي تحياه أمتنا، واحتياجها الماس إلى مشروع ينهض بها، ويعيدها إلى سيرتها الأولى، ومن هنا يبدأ الكاتب رحلته في الحديث عن القرآن وقيمته العظيمة، وكيفية الانتفاع به ليحدث الوصال الحقيقي بين القلب والقرآن فيتغير تبعًا لذلك الفرد ومن ثمَّ الأمة كما حدث مع الجيل الأول، وحتى يدخل القرآن القلب يتطلب ذلك أن نتعامل مع القرآن بالطريقة التي تحقق هذا الهدف، والتي أرشدنا إليها الله (عز وجل) في كتابه، ورسوله (صلى الله عليه وسلم) في سنَّته، وطبقها الصحابة (رضوان الله عليهم).
مؤلف كتاب تحقيق الوصال بين القلب والقرآن
مجدي الهلالي: كاتب وطبيب وداعية مصري، قدَّم عشرات الكتب في الدعوة والتربية الإيمانية، التي تهدف إلى ارتقاء الفرد بنفسه والتخلُّص من مثبِّطات الهمم، له العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، عمل بالسعودية فأقام في المدينة المنورة إلى أن توفي بها سنة 2005م.
من أبرز مؤلفاته:
حطِّم صنمك.
الإيمان أولًا فكيف نبدأ به.
كيف نحب الله ونشتاق إليه.
التوازن التربوي وأهميته لكل مسلم.