سياسة ألمانيا التجارية
سياسة ألمانيا التجارية
مهما كان التفاوت الاقتصادي بين الدول ومهما اختلفت النظم السياسية، فإنه لا يمكن لهذه البلدان أن تعيش بمعزل عن غيرها تجاريًّا، لأن هذا الانعزال سوف يجبر هذه الأخيرة بأن تكتفي ذاتيُّا من كل المنتجات، كما أنها لا تقوم بتصدير فائض المنتجات الموجودة لديها، وهذا سوف يزيد من صعوبة مهمة تنمية البلد ومن ثم لا يستطيع رفع مستوى معيشة أفراده، لذلك تعتبر التجارة الخارجية هي الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها التطوُّر الاقتصادي لأي بلد، على أساس التبادل للسلع والخدمات ما بين الدول، كما يمكن اعتبارها الجسر الذي يربط بين الدول، وتسمح لها بتصريف الفائض من إنتاجها أو استيراد حاجياتها من فائض إنتاج دول أخرى.
وفي هذا الصدد يمكننا التمييز بين نمطين من أنماط التجارة وهما التجارة الحرة والحمائية التجارية، حيث يعتمد النمط الأول على التخصُّص وتقسيم العمل ويستند مؤيدوه إلى أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تخفيض التكاليف وتحقيق ميزة تنافسية لدى الدول مما يؤدي إلى زيادة التنافسية لمنتجات الدول، بينما تأتي سياسات الحمائية التجارية على النقيض تمامًا حيث تسعى إلى التقوقع الداخلي وإغلاق الأسواق أمام منتجات الدول الأخرى.
وبنهاية القرن التاسع عشر نجد أن ألمانيا انتهجت سياسة التجارة الحرة، لا سيما بعد تدشين الاتحاد الأوروبي الذي شكل سوقًا كبيرًا للمنتجات الألمانية، من ناحية أخرى نجد أن الشراكات التجارية بين الألمان وغيرهم تسير بخطى ثابتة، وتعد الآلات، والكيماويات، والسيارات، والإلكترونيات، وصناعة السفن، والصناعات الإلكترونية أبرز الصادرات الألمانية إلى السوق العالمي، بينما تعد المعادن والمصنوعات والمواد الغذائية والمنسوجات أبرز السلع المستوردة، وتعد دول الاتحاد الأوروبي أبرز الشركاء التجاريين للاقتصاد الألماني، إضافةً إلى كلٍّ من الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
الفكرة من كتاب التجربة النهضوية الألمانية.. كيف تغلَّبت ألمانيا على معوِّقات النهضة؟
كثير من الرجال الألمان قضوا نحبهم بعد الحرب العالمية الثانية فاختلَّ بذلك الميزان الديموغرافي للسكان، وهكذا أصبحت البلاد تعاني نقصًا حادًّا في أعداد الذكور، فكان على النساء الأخذ بزمام المبادرة لإعادة بناء البلاد من جديد، فخرجت تحمل بيدها رضيعها وبيدها الأخرى تزيح الأنقاض ومخلفات الحرب، حتى الأطفال قرَّروا أن يكون لهم دور في بناء الوطن، فكيف لا ينحني المرء تقديرًا وإجلالًا أمام مشهد كهذا؟!
نحن أمام مراجعة حية لمسارات التجربة النهضوية الألمانية من نواحٍ شتى، شملت المسارات التاريخية والسياسية والاجتماعية ولم تهمل كذلك الخلفيات الفكرية والبناء العقائدي، حيث تعرَّض الكاتب للظروف القاسية التي صاحبت عملية النهضة الألمانية، والإمكانات الاقتصادية والتكنولوجية، فصار الأمر أشبه ما يكون بروشتة للإصلاح الاقتصادي يمكن للدول الأخرى الاستفادة منها.
مؤلف كتاب التجربة النهضوية الألمانية.. كيف تغلَّبت ألمانيا على معوِّقات النهضة؟
الدكتور عبد الجليل أميم: أستاذ جامعي وُلد عام 1968، تخرج في جامعة يوحنا جوتنبرغ بماينس، شعبة الفلسفة والبيداغوجيا، وحصل على الماجستير والدكتوراه في ذات التخصُّص، كما حصل على درجة الأستاذية في عام 2017، وتولى العديد من المهام الإدارية منها: محافظ خزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، ومدير مختبر سبل LCP (اللسانيات، التواصل، البيداغوجيا) بكلية الآداب منذ تأسيسه 2011 إلى الآن.
وله العديد من المؤلفات والكتب المنشورة منها: «منهجيات وأدوات منهجية تطبيقية للبحث والتحليل في الفلسفة والأدب والعلوم الإنسانية»، و«مدخل إلى البيداغوجيا أو علوم التربية»، و«الدين، السياسة، المجتمع.. في نسبية الطرح العلماني».