يهود أم جماعات وظيفية؟
يهود أم جماعات وظيفية؟
تتشكَّل النفس البشرية وفق المعطيات المحيطة بها، من هنا كانت الأقليات تتمايز عن محيطها ببعض الاختلافات في التكوين النفسي، فكونهم أقلية يضعهم تحت ضغط مستمر، لذا فقد يبرعون في بعض الوظائف بدافع التميز وتكوين هوية تخرجهم من دائرة الضعف إلى مراكز قوة، خصوصًا إذا كان الظرف المجتمعي يؤيد ذلك، من هنا كانت البذرة الأساسية لفكرة الجماعة الوظيفية التي تتكوَّن من مجموعة من الأفراد تربطهم مصلحة وظيفية مشتركة، وبسبب التفاعل بين أفراد تلك الجماعة بعضهم مع بعض يتم تلقائيًّا تشكيل العقل الجمعي الخاص بهم وإدارته لا شعوريًّا وفقًا لدورهم الوظيفي.
ونتيجة للجدل القائم بين الشخصية اليهودية وواقع مجتمعاتهم نجد أن مفهوم الجماعات الوظيفية انطبع بنسبة كبيرة على شكل العلاقة المتبادلة بين الأقليات اليهودية وواقعهم عن طريق كلٍّ من: التمركز حول الذات، وهو التعصب الأعمى لذواتهم، فهم خلعوا على أنفسهم وصف “شعب الله المختار” كنتيجة لشعورهم بالتفرُّد في الجنس وتمايزهم عن باقي أفراد الجنس البشري، وكذلك العزلة والغربة، فنتيجة لعزلة اليهود في مجتمعاتهم الغربية نشأ ما يعرف بالمجتمع الموازي لهم، فقد أقاموا نظامهم الاقتصادي الخاص المتمثِّل في تجارتهم للسلع والعملات، بل حتى المعلومات بين أقطار البلدان المختلفة.
ثم تأتي الهوية الوهمية، إذ يعد العامل العقدي المحدَّد الأول في حياة اليهود، فلطالما انتمى اليهود إلى عاصمتهم الروحية (صهيون)، وسبَّب ذلك لهم انفصالًا عن الزمان والمكان، مما عمَّق لديهم الشعور بالغربة وصنع هوية مصطنعة بديلًا عن قوميات مجتمعاتهم، وهناك النفعية التعاقدية، فعلى مر التاريخ نشأت علاقة نفعية بين اليهود بوصفهم أقليات وبين مجتمعاتهم، إذ استغلتهم الحكومات المختلفة في أدوار معدَّة لهم مسبقًا، وفي المقابل استفاد اليهود نوعًا ما من السلطة والنفوذ وبعض المكاسب المادية، وتأتي أخيرًا ازدواجية المعايير، وهي ما يُعبَّر عنها بسياسة الكيل بمكيالين، فنتيجة لما سبق اصطنع اليهود لأنفسهم وضعًا متفردًا مع دعم ذلك ببعض النصوص التوراتية المحرفة، وأصبح تبعًا لذلك يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم.
الفكرة من كتاب مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي
“السياسة لا تعرف الأصدقاء الدائمين، ولا حتى الأعداء الدائمين، ولكن فقط تعرف المصالح الدائمة”!
يعد هذا الكتاب تشريحًا للعقلية الإمبريالية الغربية، كما يعد في الوقت ذاته سجلًّا يتناول الجذور التاريخية للصراع العربي الإسرائيلي ويحلِّل المعطيات والأسباب والنتائج التي أسهمت في نشأة الحركة الصهيونية، كما يتعرَّض بالنقد للمبادئ الحاكمة للمسألة اليهودية، ويلقي الضوء على سياسات الدول العظمى وكيف تتم صياغة العلاقات بين الدول.
مؤلف كتاب مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي
عبد الوهاب المسيري: كاتب ومفكر عربي، وُلد في دمنهور 1938، حصل على درجة الماجستير عام 1964 (من جامعة كولومبيا)، ثم على درجة الدكتوراه عام 1969 من جامعة رَتْجَرز Rutgers ، كما عمل أستاذًا زائرًا في أكاديمية ناصر العسكرية، وجامعة ماليزيا الإسلامية، وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970 – 1975)، ومستشارًا ثقافيًّا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975 – 1979)، تُوفِّي فجر يوم الخميس الموافق 3 يوليو/تموز 2008 بمستشفى فلسطين بالقاهرة عن عمر ناهز السبعين عامًا بعد صراع طويل مع مرض السرطان.
ومن أهم أعماله: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية.. نموذج تفسيري جديد (ثمانية مجلدات)، ورحلتي الفكرية.. سيرة غير ذاتية غير موضوعية، وفي البذور والجذور والثمار، والعلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة (جزءان).