يجعلك الحب تكتشف ذاتك
يجعلك الحب تكتشف ذاتك
لعلَّك تتساءل عن سبب السعادة والفرحة القصوى التي تحيط بالمحبين، ويكمن السبب في أمرٍ فريد، وهو أن الإنسان عندما يحب يكتشف ذاته الحقيقية، ويراها من الداخل، ويعرف الخير والجمال الذي تحظى به ذاته والذي لم يكن يدركه من قبل، مثل شخص لم يرَ نفسه في المرآة طوال حياته، وحينما رآها صار يردِّد من فرط دهشته هذا “أنا”، ولهذا يجب أن يكون كل شخص مرآة نفسه، وفي حالة الحب الحقيقي تكون عيون المحب هي مرآة الحبيب، فهو مرآة الذات التي يلتقي فيها الإنسان مع نفسه، وأن تكون محبوبًا من إنسان آخر معناه أن تكتشف جوهرك الحقيقي عن طريق هذا الآخر.
لا يبدأ الحب بالشهوة الجسدية، أو بالانبهار الشكلي، بل يبدأ من جوهر الشخص، وحينما تقول: “أنا أحبك” فهذا معناه أنا أومن بك، وأومن بنفسي وأثق بك، وأثق بنفسي، ولذا تجد المحبين يجدون راحة كبرى في الكلام والبوح بكل أسرارهما، والتحدث عن أدق تفاصيل حياتيهما، فلا يوجد خجل أو حياء بين المتحابين لأن الواحد منهما يشعر وكأنه يحادث نفسه فحبيبه هو نفسه، والحب هو حاجة ملحَّة للنفس البشرية، الحاجة إلى الخروج من دائرة الذات المغلقة، والاتجاه إلى ذات أخرى كي نعطي، ونحن لا نذهب إلى تلك الذات لتحقيق منفعة شخصية لنا، ولكن نحن نتجه إلى الحبيب لشخصه، ولأن حياة الإنسان تكون راكدة حتى يجد ذاتًا أخرى يحبها.
ولذا فالحب ليس عاطفة أو رغبة، بل إنه تحرُّك كلِّي للنفس نحو الآخر وتقبُّل جميع العيوب، فإذا كان حبيبنا أصلع، أو معوج الأنف، فإذا بنا نحب عيوبه حبًّا شديدًا حتى عيوبنا النفسية والأخلاقية التي يفزع منها الناس، لا تجعلنا ننفر من المحبوب مثل باقي الناس، بل تجعلنا قادرين على رؤية الجانب الطيب في هذه الشخصية الإنسانية، وبالطبع نحن لا نستطيع أن نحب إنسانًا شريرًا، بمعنى أنه لا عواطف ولا قلب له.
الفكرة من كتاب معنى الحب
يعدُّ الحب من أكثر الأمور التي تحيط بحياة الإنسان غموضًا، فمن الصعب الحصول على معنى شامل يصفه، إذ تجد كل شخص يتفنَّن في وضع معنى جديد له، وهذا يجعلنا نتساءل: هل الحب وهم جميل يبدو من صِدقِه وكأنه واقع؟ أم هو حلم رائع يبدو من وضوحه وكأنه حقيقة؟
وخلال السطور القادمة ستعرف ما الحب؟ وما معناه؟ وستجد إجابات عن تساؤلاتك مثل، هل نحب بالقلب أم بكل الجسد؟ وهل يحب الإنسان ليعيش أم يعيش ليحب؟ وإذا كان الحب عطاءً مطلقًا فهل يستطيع الأناني أن يحب؟ وهل تتشابه تجارب الحب أم أن كل تجربة فريدة مستقلة لا يمكن مقارنتها بحب آخر؟
مؤلف كتاب معنى الحب
عادل صادق عامر عبدالله (1943-2004): هو كاتب وطبيب نفسي مصري، وُلد بالقاهرة عام 1943، حصل على زمالة الكلية الملكية بلندن، وزمالة الجمعية الأمريكية للطب النفسي، كما شغل منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب، ورئيس تحرير مجلة “الجديد” في الطب النفسي، وكتب العديد من المقالات لصحيفة “الأهرام”، وتُوفي في عام 2004 عن عمرٍ يُناهز الستين، بعد أن ترك لنا إرثًا من روائع كتاباته.
ومن أهم مؤلفاته: “مشكلات عاطفية”، و”في بيتنا مريض نفسي”، و”من أنا؟ من أنت؟ من هو؟”، و”كيف تصبح عظيمًا”، و”متاعب الزواج”، و”الزوج أول من يشكو”، و”امرأة في محنة”، و”حب بلا زواج وزواج بلا حب”، و”الألم النفسي والعضوي”، و”أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي”.