يا بني.. ما كل ما يتمناه المرء يدركه
يا بني.. ما كل ما يتمناه المرء يدركه
لا يقوم البيت من غير ضوابط وحدود ونظام معين يلتزم به أفراد الأسرة كلهم، كبيرهم قبل صغيرهم؛ نظام يتسم بالوضوح والجدية والحزم وغير قابل للمفاوضة أو المراوغة، إلا فيما يسمح بذلك حتى يتعوَّد الأطفال احترامه وييأسوا من محاولة كسره أو تجاوزه، وليتعوَّدوا على سماع “لا” وعلى بعض الحرمان والمنع، لأن تلبية الرغبات بشكل مستمر لا تصنع شخصية مسؤولة، وإنما تصنع شخصية أنانية وغير مبالية.
وفي ظل تطبيق الآباء والأمهات لهذا النظام قد يؤثر فيهم أبناؤهم ويستفزونهم عاطفيًّا فتشتعل ثورة من الغضب لا داعي لها عند الطرفين، ذلك لأن الأبناء لا يرون ولا يطلبون إلا اللذات العاجلة والآباء ينظرون إلى المصالح والمفاسد الآجلة، ولا يُتوقَّع أن يتفهَّم الأبناء هذا خصوصًا إذا كانوا صغارًا، فنسمع منهم أحيانًا عبارات مثل: أنا أكرهك، أنتِ شريرة، أنت لا تحبني… وهم لا يعنونها حقًّا، وإنما هي ثورة غضب تعتريهم ما تلبث أن تزول مع الوقت، ويساعد أحيانًا على التخفيف من هذه الثورة أن نبين لهم بعض الأسباب وراء القرارات التي نتخذها والطلبات التي نرفضها، ولا يصح أن يكون هذا هو الأسلوب الدائم في التربية، بل في بعض الأحيان فقط.
أيضًا التخيير يساعد أحيانًا الطفل على تقبُّل التعليمات والقرارات الحازمة ويشركه في اتخاذ القرار فيشعر بنوع من المسؤولية، فمثلًا بدلًا من إصدار الأمر المباشر بترتيب الغرفة يُمكننا أن نخيِّره بين ترتيبها الآن أو بعد ساعتين مثلًا، ونترك له مساحة الاختيار وما يترتَّب عليها من شعوره بالالتزام تجاه ما اختار.
هناك أسلوب العقاب، ويُلجأ إليه عند مخالفة النظام والإهمال وكسر القواعد والآداب، وترى الكاتبة أنه غير فعَّال خصوصًا أسلوب الضرب، لأنه يسيء إلى الطفل ويجعله يشعر بالحقد والرغبة في الانتقام من والديه، والعقاب يُمكن أن تكون له صور أفضل تتعلَّق بالأخطاء المرتكبة وليست بعيدة عنها، فبالنسبة للطفل ما العلاقة بين حرمانه من التلفاز طوال الأسبوع وبين سكبه الطعام على الأرض! حرمانه من التلفاز مقابل إفراطه في مشاهدة البرامج التلفزيونية أكثر ارتباطًا وأكثر تأثيرًا فيه.
الفكرة من كتاب ابني لا يكفي أن أحبك: رحلة إلى قلب الطفل وعقله
لا تضمن لنا الحياة بمجرد الزواج والإنجاب أن نصبح آباء وأمهات صالحين وربما مثاليين، بل علينا أن نتعلم ونجتهد ونطبِّق ونقيِّم في عملية مستمرة ودوام كامل، ويستغرق ذلك سنوات طويلة نحتاج فيها إلى التحلِّي بالصبر والحكمة، ففي ظل دعوات هدم الأسر والعزوف عن الزواج والإنجاب نحتاج أن نخرج بنماذج أسرية ناجحة بنفوس سوية تعيد إلى الأسرة مكانتها المركزية في المجتمع.
يقدِّم لنا هذا الكتاب بعض المساعدة في عملية التربية.
مؤلف كتاب ابني لا يكفي أن أحبك: رحلة إلى قلب الطفل وعقله
سلوى المؤيد: بحرينية الأصل، درست الصحافة بجامعة القاهرة، ثم احترفت هذه المهنة من خلال عملها بوزارة الإعلام البحرينية كصحفية محترفة، ثم ككاتبة حرة في مختلف المجلات والصحف البحرينية والعربية، وكتبت في مواضيع مختلفة اجتماعية وتربوية وقصص ونحو ذلك، إلى جانب هذا الكتاب قامت بنقل كتاب “أب الدقيقة الواحدة” إلى اللغة العربية، كما كتبت قصة والدها الذاتية، وهو أحد أهم رجال الأعمال الحرة في البحرين.