يا أيها الإنسان
يا أيها الإنسان
خلق الله البشر يجمعهم نظام اجتماعي تكافلي مشترك لأن الإنسان بفطرته وطبعه مخلوق نفعي طموح يحب أن ينتفع وأن يمتلك الأشياء ويستهلكها، ولأجل ذلك كان لا بد من الاصطلاح على مقابل يضبط هذه المنافع المشتركة، وأساس هذا المقابل هو المال، المال حبًّا وتملكًا وتبادلًا، وهنا مكمن الابتلاء والاختبار، ذلك لأن طموح الإنسان لا حدود له، وشهوته أيضًا لا حدود لها، فكيف يروِّض نفسه على أن يجعل من المال وسيلة لتحقيق طموحاته وأهدافه وتبادل المنفعة مع الآخر بشكل متزن لا أن يكون جمعه والتباهي به غاية في حد ذاتها وطريقًا للظهور والوجاهة الاجتماعية!
ثم إنه لا بد أن يحدث التعارض بين ما يريد الإنسان وبين ما يعتقده ويؤمن به، وواهمٌ من ظن أن بإمكانه الجمع بين مبادئه كلها وبين بلوغ الحد الأقصى في طموحاته وأهدافه، ولا بد من التضحية، فالشخص الذي يريد أن يصبح من أغنى أغنياء العالم لا بد أن يتنازل قليلًا عن شيء من مبادئه وقِيمه الحياتية والشرعية المتعلِّقة بجمع المال، إلا من رحم ربي.
بالطبع ليس المال وحده هو ما يطمح الإنسان إليه ويناضل من أجله ويتفاخر به، فتمسك الإنسان بالحق أيضًا مما يناضل الإنسان من أجله أو ضده، كيف ذلك! حين يرى الحق واضحًا جليًّا فيقرِّر ألا يتبعه، وإنما يفضل الهروب على المواجهة، واستعمال القوة على مراجعة النفس، والغموض المضلِّل للحق على الوضوح المبين له، مالئًا بذلك الفجوة التي بينه وبين الحق بتلك الأمور، ذلك لأن الوضوح والمراجعة والاستماع للحق له تبعات، وتغيرات، وانقياد وخضوع، وذلك مما لا تأباه ولا ترضى به نفوس كثيرٍ من البشر.
نعم، الإنسان مخلوق معقَّد ومركَّب من أفكار ومشاعر وإرادات وطموح قد تتعارض بعضها مع بعض وقد تتفق، والأصل أنها ليست دائمًا على وفاق، وأنها ليست دائمًا قابلة للتحقُّق كلها مجتمعة، فجمع المال لن يجتمع مع راحة البال، وصحة الجسد لن تجتمع مع حلاوة الأطعمة، ذلك لأن عمر الإنسان محدود وإمكاناته قد لا تصل إلى مستوى طموحاته أصلًا، لذا عليه أن يتعلَّم أن يضحي، وأن يؤجل ويرتب أولوياته مكوِّنًا بذلك مساحة من الاختيار لنفسه.
الفكرة من كتاب هي هكذا: كيف نفهم الأشياء من حولنا
ثلاثون سنة من سنن الله في خلقه وكونه، تساعدنا على فهم ما يجري من حولنا، فبعض الحوادث تقع ولا نعلم لها سببًا فنقع في حيرة ودهشة، وقد نتهم الله في فعله، وذلك كله من الجهل بما دبَّره الله وهيَّأه لهذا الكون وهذا الخلق من نواميس يجري وفقها، وهذا الكتاب يساعدنا على فهم بعضها.
مؤلف كتاب هي هكذا: كيف نفهم الأشياء من حولنا
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار، سوري الجنسية، بدأ مسيرته الأكاديمية في جامعة الإمام محمد بن سعود في المملكة العربية السعودية، ثم إلى جامعة الملك خالد في أبها، وتفرغ بعدها للتأليف والعمل الدعوي، لاقت مؤلفاته القبول والرواج من فئات مختلفة عديدة، ومنها:
فصول في التفكير الموضوعي.
نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي.
مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي.