وهم الكمال
وهم الكمال
الكمالية لا تنحصر فقط في عدم تقبُّل الضعف، فلها العديد من الوجوه، ومن هذه الوجوه: كمالية الآخرين: وفيها يريد الشخص ممن حوله أن يصلوا إلى النجاح في صورته المثالية، كما أنهم لا يشعرون بالرضا عما يفعلونه مهما اجتهدوا، وهناك الكمالية لإرضاء الآخرين، وفيها يستشعر الشخص أن كل كلمة ونظرة من الآخرين تعني له الكثير، ولذا تجده يلزم نفسه بإرضاء الآخرين، ولو على حساب نفسه، وهناك الكمالية المرتبطة بالنفس، وذلك عن طريق فرض أحكام صارمة على نفسك، ومحاسبتها أشد الحساب على كل خطأ ترتكبه.
نحن نظن أحيانًا أن الحل يكمن في القسوة، اعتقادًا منا أننا حين نقسو على أنفسنا نمنعها من ارتكاب المزيد من الأخطاء، ولكن هذا بالطبع خطأ، فحينها يصبح الإنسان أكبر عدو لنفسه، ولذا فإن الكمالية الدائمة مضرَّة، ويمكننا التعامل مع الكمالية من خلال عدة طرق؛ منها: اختيار أولويات الكمالية، ووضع معايير وأولويات تستطيع الإيفاء بها، وهناك نصيحة ربما تساعدك على فعل ذلك، تقول إن عليك أن تتعلم شيئًا عن كل شيء وكل شيء عن شيء، ولأن الشخص المثالي يرفض الخطأ يمكنك تهيئة نفسك للتجربة أولًا، كي لا تكون متوقعًا للنجاح وتفشل، والحل أن تعطي المساحة للتجربة والخطأ، وتتعلَّم من الخطأ وتصحِّحه، كما يمكنك مكافأة نفسك حتى على الإنجازات غير المكتملة، وسلم مشروعك في وقته حتى ولو لم ترَه مثاليًّا.
وكي تستطيع منع نفسك من القسوة عليها يمكنك اتباع هذه النصائح، وهي: التماس مواطن القوة في النفس، وذلك عن طريق معرفة مواطن قوتك وصقلها وتنميتها وحسن توجيهها، ولا تقم باحتقار نفسك، فهو سلوك غير سوي، وربما يقودك ذلك لتصبح ما يعرف بالشخصية البلغمية، وهي شخصية تتسم بالبلادة واحتقار الذات، وهناك أيضًا الرسائل الإيجابية التي تحقِّق الدعم النفسي، كما يمكنك مدح نفسك دون مبالغة، فهذا يمدُّك بالثقة، وهناك أيضًا فلترة مشكلات النفس، وذلك عن طريق استهجان السلوك السيئ وعدم استهجان الشخص المسيء نفسه، كي لا يشعر بالوصم، ولا يرى أملًا في تغيير حالته، وتذكَّر أن كمالك يكمن في سرعة تصحيحك للأخطاء، وعدم الرضا عن الخطأ.
الفكرة من كتاب جلسات نفسية.. حتى تصل إلى السكينة النفسية
في مراحل الحياة المختلفة تعصِف بنا العديد من المشكلات، والصعاب النفسية، نظن وهمًا أننا تجاوزناها، ولكن الحقيقة الأليمة أننا قمنا بدفنها بأعماق أنفسنا دون حتى أن نقوم بمواجهتها، لنكتشف بالنهاية أننا لا نحسن التعامل مع أنفسنا، ولا نفهمها، وبالتالي نصدر عليها الكثير من الأحكام القاسية، فيختل ميزان الحياة دون أن ندرى أن الأمر برمته ليس وليد تلك اللحظة، بل هو وليد العديد من التراكمات والخذلان والقسوة على النفس، وندرك أخيرًا أن المشكلة الوحيدة نابعة من طريقتنا في الحكم على أنفسنا.
وهذا الكتاب -عزيزي القارئ- هو دليلك للتعامل مع نفسك، وفهمها بشكل أفضل حتى تصل إلى مبتغاك وهو سكينتك النفسية، وتعرف جوانب نفسك، ونقاط ضعفها وقوتها وكيف تقاوم أمراضك النفسية، وتتغلَّب على الجلد الذاتي، لتكمل حياتك وأنت متصالح مع ذاتك؛ مهتمًّا بها؛ مقدمًا لها العون والمساعدة.
مؤلف كتاب جلسات نفسية.. حتى تصل إلى السكينة النفسية
محمد إبراهيم: كاتب وطبيب نفسي، وباحث ماجستير بجامعة عين شمس، قام بتقديم العديد من الدورات، والمحاضرات التدريبية، مثل: (دورات السكينة النفسية، والثقة بالنفس، والكمالية)، وتصدَّر العديد من المنصَّات الإعلامية في السنوات السبع الأخيرة، وحظي بإقبال كبير من مختلف الجنسيات والأعمار، وهدفه من نشر كتبه ومحاضراته توثيق معاني الصحة النفسية بشكلها الصحيح داخل نفوس القراء، وتدريب أكبر قدر ممكن من فئات المجتمع على التعامل بمرونة في شتى المواقف بشكل نفسي سليم، وطريقه نحو ذلك هو تبسيط مفاهيم علم النفس ليستوعبها عامَّة الناس، وهذا هو الكتاب الوحيد المنشور من أعماله.