وهم الجسد المثالي
وهم الجسد المثالي
لا يعد التشييء ظاهرة خارجية المصدر نابعة من الثقافة الحالية فقط، ولكنه قد ينعكس على الأفراد المنتمين لها، ويتحول إلى ظاهرة ذاتية، ويحدث هذا حين تتبنى الفتيات معايير الثقافة لما يعد شكلًا مثاليًّا، وهن بذلك يتخلين عن جزء من الوعي الداخلي، وربطت عدة دراسات بين تشييء الذات وفقدان القدرة على تمييز العواطف الشخصية نتيجة لتشتت الوعي الداخلي، كما ربطت بينه وبين انخفاض الكفاءة المعرفية والقدرات الجسدية نتيجة الاستغراق في التفكير في المظهر عوضًا عن الأداء الفعلي، ويظهر التشييء على هيئة هوس بعدد السعرات الغذائية المستهلكة، وممارسة التمارين القاسية، ومراقبة الوزن بشكل مستمر، كما يؤدي إلى تكون حلقة خبيثة تبدأ بالمقارنة بين أجسادنا الطبيعية، وذلك الجسد المثالي الذي نراه في المجلات، ولكونها مقارنة خاسرة ينشأ شعور بالخزي، يستفز بدوره مزيدًا من السلوكيات المتطرفة.
ويختلف الشعور بالخزي عن الذنب، فهو غير قابل للحل من خلال الاعتذار أو تعديل السلوكيات، ومرتبط بماهية الفرد وحقيقته، وتعتبر بعض الثقافات الخزي الجسدي نوعًا من الحميات الغذائية الضرورية لتجنب السمنة وخصوصًا لدى النساء، ولكنه حقيقةً لا يعد مفيدًا لعدة أسباب، أهمها: أن الصورة الجسدية التي وضعتها الثقافة الحالية يستحيل على معظم النساء الوصول إليها، ولو كانت هناك طريقة لتحصيل هذا الجسد المثالي، فهي ليست الشعور بالخزي الجسدي، إذ ربطت الدراسات بينه وبين الامتناع عن الطعام، أو الإسراف فيه، كما أثبتت وجود علاقة بين تجنب الرياضة وبين التعليقات السلبية التي سببت شعورًا بالخزي الجسدي، وأوضحت أن تعديل السلوكيات الغذائية نتيجة للشعور بالخزي هو تعديل مؤقت، وعلى المدى البعيد تنتج عنه اضطرابات في الشهية، والإصابة بالنهم نتيجة للحرمان ومن ثم زيادة الوزن، ومن الجدير بالذكر أنه عادة ما يتم الخلط بين النحافة والصحة، فأحدهما لا يعد بالضرورة دلالة على وجود الآخر، كما لا يوجد شكل مثالي موحد يمكن الاستناد إليه، فلكل جسد طبيعته الخاصة.
ولا يستهلك هوس الجمال الوقت والسلام النفسي فقط، ولكنه يستهلك المال أيضًا، إذ تشير الإحصائيات الاقتصادية إلى أن النساء يستهلكن مبالغ طائلة لشراء مستحضرات التجميل أو للخضوع لعمليات تجميل غير ضرورية، ويتعدى الأمر كونه خيارًا فرديًّا، إذ تفرض بعض أماكن العمل وضع مستحضرات التجميل، مما يجعل استخدامها نوعًا من معايير القبول المجتمعية غير المصرح عنها بشكل واضح، ولكن لا يمكن إنكار أثرها.
الفكرة من كتاب هوس الجمال: كيف يؤذي الهوس الثقافي بالمظهر الفتيات والنساء
في الآونة الأخيرة انتشرت اضطرابات الشهية بشكل مبالغ فيه، بل وتحولت إلى حمية غذائية يمكن لأي مراهقة تبنيها للوصول إلى الوزن المثالي، وتزايد عدد الخاضعات لعمليات التجميل، كما ارتفعت قيمة الاقتصاد القائم على مستحضرات التجميل بشكل مهول، وفاضت منصات التواصل الاجتماعي بالنصائح الضارة للوصول إلى الشكل المثالي.
فما الذي بدأ هذه السلوكيات المتطرفة؟ وهل تحول الجمال إلى سلعة؟ وكيف يمكن للثقافة المحيطة التأثير في منظورنا تجاه الجمال؟ وكيف تؤثر المعايير الشكلية في التقدير الذاتي؟ وما الحل لمواجهة هذه الظاهرة؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير.
مؤلف كتاب هوس الجمال: كيف يؤذي الهوس الثقافي بالمظهر الفتيات والنساء
رينيه إنجيلن: أستاذة متميزة في علم النفس في جامعة نورث وسترن، حاصلة على شهادة الدكتوراه في علم النفس العلاجي، كما ظهرت أعمالها في العديد من المجلات الأكاديمية وفي المؤتمرات، وتتم استضافتها بانتظام للمقابلات من قبل صحيفة نيويورك تايمز.
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.