وهذا أيضًا من المقاومة!
وهذا أيضًا من المقاومة!
يحكي الكاتب عن زيارته إلى غزة التي تخلَّلها استشهاد أحمد الجعبري واشتعال الحرب، وقبل خروجه هو ومن رافقه من القطاع، زاروا المستشفى فإذا بصوت الرصاص لا ينقطع فطمأنهم المرافق أنها زفة شهيد، وبينما هم عائدون من المعبر رأوا تحضيرات عرس فاستغربوا لتوقيت العرس وسط الحرب فأخبرهم المرافق: “وهذا أيضًا من المقاومة”، فإن كان عدوك يريد سلبك كل سبل العيش، فمن المقاومة أن تستمر في الحياة وتتكيَّف مرونةً وقوةً لا ضعفًا واستسلامًا، فغزة على وضعها تعمل فيها المدارس والجامعات بكل طاقتها حتى تكاد تصل نسبة الأمية فيها إلى صفر في المائة، وبها نسبة اكتفاء ذاتي من الخضراوات والماشية.
والناس عند المصائب بين منكر لها يرفض الواقع فينتهي به الأمر إلى القنوط والاستسلام والجزع، وبين معترفٍ بمصيبته مقرٍّ بالهزيمة، يتقبَّل الأمر الواقع ويتكيَّف معه ليبدأ في المقاومة والعمل بمرونة وفق المعطيات المتاحة له، وكثير من البكاء واللطم عند المصائب لا يكون صادقًا إذ يختفي الجهد عندما يُطلب لرفع هذه المصيبة، ومن هؤلاء من يندِّدون ويلعنون الاحتلال بينما هم في دول غربية حتى إذا ما عادوا إلى بلادهم كانوا أول المنسقين مع هذا الاحتلال لا لخيانتهم للمبادئ، ولكن لأن العاطفة كانت انفعالية غير صادقة ولا حكيمة.
والصبر إنما هو صبر الصدمة الأولى كما يقول النبي (صلى الله عليه وسلم)، وليس في هذا تقليل من حجم المصيبة، ولكن الصبر متوقف على مخزون القيم والأهداف التي يعيش من أجلها المرء.
الفكرة من كتاب الهزيمة
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾.. لقد وضعت الهزائم النفسية في عصر عظمت فيه الخطوب وتكاثرت المصائب من حروب وقصف ودمار إلى المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، الكثيرين على حافة الاستسلام حتى ظنوا أن باطن الأرض ربما هو أرحم بهم من ظاهرها.. يستعرض المؤلف في هذا الكتاب قصصًا لمن مروا بهزائم قاصمة وتجاوزوها، ويذكر أيضًا بعض المدارس النفسية في معالجة الفشل والإحباط.
مؤلف كتاب الهزيمة
كريم الشاذلي: إعلامي وكاتب وباحث ومحاضر في مجال العلوم الإنسانية وتطوير الشخصية، حصل على بكالوريوس الإعلام من جامعة القاهرة، وله أكثر من 17 كتابًا في مجالات الأسرة وبناء الذات تُرجم بعضها إلى أربع لغات.
من كتبه:
امرأة من طراز خاص.
أفكار صغيرة لحياة كبيرة.
لم يخبرونا بهذا قبل أن نتزوج.