وقت الاختلاف
وقت الاختلاف
كما هو الطبيعي في كل بيت، لا بد من حصول بعض الاختلافات بين الزوجين، ولكن مسؤولية فكِّ هذا النزاع يقع على مسؤولية الرجل، فبمقابلته لهذه الخلافات بالحلم والصبر، سرعان ما تنتهي وتزول، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) خير الرجال في تدبير أمر أهل بيته، فكان (صلى الله عليه وسلم) يذكر لعائشة: إني لأعلم إذا كنتِ عني راضية، وإذا كُنت عليَّ غضبى.
فقالت: بمَ تعلم يا رسول الله؟ قال: إذا كُنت عليَّ غضبى فحلفت، قُلتِ: كلا ورب إبراهيم، وإذا كُنت عني راضية، قلتِ: كلا ورب مُحمد، فقالت (رضي الله عنها): صدقت يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك.
وفي مرة طلبت أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) زيادة النفقة، وتظاهر بعضهن عليه، فاعتزلهن شهرًا وهجرهن، وقعد في مشربة له، وففي اليوم التاسع والعشرين أنزل الله آية التخيير: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ قُل لِّأَزۡوَ ٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا وَزِینَتَهَا فَتَعَالَیۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحࣰا جَمِیلࣰا ٢٨ وَإِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلدَّارَ ٱلۡـَٔاخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡمُحۡسِنَـٰتِ مِنكُنَّ أَجۡرًا عَظِیمࣰا ٢٩﴾، فبدأ النبي (صلى الله عليه وسلم) بعائشة (رضي الله عنها) فاختارت الله ورسوله، ثم خيَّر نساءه كلهن، فقل كما قالت عائشة (رضي الله عنهن جميعًا).
وقد جرت للنبي (صلى الله عليه وسلم) مع أزواجه بعض المراجعات، فهذا أبو بكر الصديق يستأذن على النبي (صلى الله عليه وسلم) فسمع صوت عائشة عاليًا، فأتى ليلطمها وهو يقول: يا ابنة فلانة، أراكِ ترفعين صوتك على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأمسكه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وخرج أبو بكر مغضبًا.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يا عائشة، كيف رأيتِ؟ أنقذتك من الرجل، ثم استأذن أبو بكر بعد أن اصطلح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعائشة، وقال: أدخلاني في السلم، كما أدخلتماني في الحرب.
الفكرة من كتاب الحُجرات الشريفة سيرة وتاريخًا
إن البيوت الجليلة لا بُد أن تُعرف، ولا بد أن يسعى المُسلم ليتعلَّم منها حتى يكون بيته على نهج هذه البيوت الطيِّبة، وبيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خير بيت! فهو أكمل البشر وأحسنهم، وهو (صلى الله عليه وسلم) مُعلِّم الخلق بأقواله، وأفعاله، وأخلاقه، من غير تعنيف أو تنفير، يرحم الصغير ويوقِّر الكبير.
ولهذا جاء كتابُنا ليُبيِّن الجوانب المُهمة في حياة رسولنا (صلى الله عليه وسلم) من خلال واقعه الحياتي في بيته وحُجرات أزواجه الطاهرات الطيِّبات، وذلك عند معاملته (صلى الله عليه وسلم) معهن، والزائرين لديه، والداخلين إليه.
مؤلف كتاب الحُجرات الشريفة سيرة وتاريخًا
صفوان بن عدنان داوودي: ولد سنة 1960م، عالم مقرئ، وفقيه أصولي، ومحقِّق متقن، ومصنَّف مجيد، على مَكِنَة من علوم العربية والحديث.
ولد بدمشق، وابتدأ طلب العلم صغيرًا، حفظ كتاب الله وجوَّده، وحصَّل الفقه والتفسير والحديث واللغة، درس علوم الشريعة الإسلامية في جامعة مراد آباد في الهند، وحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه من الجامعة الأمريكية المفتوحة بواشنطن، واستقر بالمدينة المنوَّرة وأخذ عن عُلمائها الكثير من العلوم، والآن يقوم بالتدريس والإقراء في الحرم المدني الشريف، وتخرج به عدد من المشايخ في القرآن والقراءات والفقه والأصول والحديث واللغة.
من مؤلفاته:
زيد بن ثابت كاتب الوحي وجامع القرآن.
أُبيُّ بن كعب صاحب رسول الله وسيد القراء في زمانه.
قواعد أصول الفقه وتطبيقاتها.