وصف المعاناة
وصف المعاناة
ميلودي فتاة تبلغ من العمر أحد عشر عامًا، لا تستطيع القيام بالأمور اليومية المعتادة، كالمشي والتكلُّم، وقضاء الحاجة، فجلُّ ما تستطيع القيام به هو الضغط على أزرار جهاز التحكم عن بعد، والإمساك بعجلات الكرسي المتحرك لثوانٍ معدودة، حيث لا يمكنها التحكم في توازنها، حيث يرتعش رأسها، ويُسيل لعابها، وقد بلغت أحد عشر عامًا وحجم جسدها صغير جدًّا.
وكل ذكريات الطفولة لديها تتمثل في رؤية القلق داخل عين والدتها، وهي مدسوسة داخل حوض الاستحمام بجسدها الصغير، لا تتحرك أبدًا، والتقاط أبيها للصور بالفيديو، وانتظاره لها أن تكبر وتتحرك، لكن ذلك لم يحدث قط، فهي بالكاد أعظم ما توصلت إليه هو قدرتها على التعرُّف على الضوضاء، والروائح والمذاق، وشعورها بالرغبة في العطاس، ولكنها لا تستطيع حتى وصف هذه الروائح لأمها، فهي لا تعرف الكثير عنها، وما يهون عليها ذلك أحيانًا هو قدرتها على عدم نسيان أي شيء، لكن ترجع وتسأل نفسها: “أي فائدة من عدم النسيان، وأنا لم أستطع وصف أي شيء”، لكنها تدرك القوة الحقيقية للكلمات، والتي تقسم ألا يدركها معظم من ينطقون بها، وكانت تسقط دائمًا على الأرض، وهي لا تريد ذلك، لكن كان والدها يخفف من حزنها، بالقيام ببعض الأمور المضحكة لها كالقفز مثل الضفدعة، وكان يتكلم معها كثيرًا كأنه يتكلم مع الكبار، ويصف لها مشكلتها، وحزنه، وكان كثيرًا ما تسيل الدموع من عينه بعكس والدتها.
وكان أكثر ما يفعله والدها لأجلها هو الغناء، وكانت هي تستمع إلى الأصوات جيدًا، والقراءة قبل النوم على الرغم من إرهاقه، وكانت تمتلك ذاكرة قوية جدًّا، فكل ما تسمعه أو تقع عليه عيناها يُسجَّل عندها، وكان هذا يزعجها أحيانًا بسبب عدم قدرتها على وصف ذلك لأحد غيرها، فتتمنى أحيانًا لو حُذف كل هذا من ذاكرتها!
الفكرة من كتاب إرادتي هزمت إعاقتي
أصبح الإنسان في ظل ظروف الحياة المادية يلهث وراء مصالحه، ليزيد من دخله المادي بأي شكل، ويحقق أهدافه، ويحظى بأكبر قدر من الرفاهية، إلى أن يصبح بعد ذلك كل ما يمتلكه في نطاق العادي، من ضمن ذلك عافيته وصحته، فلا يشعر بهذه النعمة إلا بعد سلبها منه، أو قد يمتلك البعض أحيانًا نعمة الصحة، ولكنه يتكاسل عن تحقيق أهدافه.
فتأتي هذه القصة توضح معاناة فتاة فقدت عافيتها بالكامل، وعلى الرغم من ذلك ما زالت تقاوم، وتحاول التأقلم مع من حولها.
مؤلف كتاب إرادتي هزمت إعاقتي
شارون م. دراير : معلمة محترفة، وكاتبة بارعة، تعيش في سينسيناتي بولاية أوهايو، فازت خمس مرات بجائزة كوريتا سكوت كينغ الأدبية، ولديها العديد من المؤلفات منها:
Blended
COPPER SUN
Tears Of a Tiger
المترجم تيسير نظمي: ولد في فلسطين، وعاش في الكويت، وأصدر عدة كتب في مجال القصة القصيرة، وعمل مترجمًا ورئيسًا للقسم الثقافي في عدد من الصحف الكويتية، وترجم أيضًا كتاب “الانتحاريون: دراسة نفسية حول فهم الإرهاب الانتحاري”.