وصف الجامع الطولوني
وصف الجامع الطولوني
تم بناء الجامع بالآجر المغطى بطبقة ثقيلة من الجص، والمراد به الجبس، ورُوِيَ أن السبب في ذلك أن الأمير أحمد بن طولون قال: “أريد أن أبنيَ بناءً إن احترقت مصر بَقي، وإن غرقت بقي”، فأشاروا عليه بالآجر الأحمر القوي وعدم استخدام أعمدة رخامية لسرعة احتراقها، وتم بناؤه بالآجر على شكل صفوف توضع بالتعاقب بطول الطوبة والصف الذي يليه توضع بعرض الطوبة على امتداد الجدار، ويبلغ مقاس كل خمس طوبات ستة وثلاثين سنتيمترًا.
أما دعائم الجامع فقد بُنِيت أيضًا بالآجر، لتُوضع عليها الأقواس، ويرجع سبب استخدامه إلى صعوبة توفير الرخام في ذلك الوقت، وكذلك بسبب ترفُّع ابن طولون على أخذ الرخام من المعابد والكنائس، وقواعد الدعائم من النمط السابق على عصر الإسلام، وفوق الدعائم أقواس كبيرة مبنية من الآجر على النمط الستيني تأخذ شكل حدوة الفرس، ويبلغ ارتفاعها عن الأرض ٤,٢٦م، وتوجد بين كل قوسين طاقة -وتعني نافذة- صغيرة نمطها ستيني أيضًا، تم وضعها لتقليل الحمل على الدعائم ولتزيين البناء، وفوق الأعمدة تيجان على شكل التيجان الكورنتية، وتحتوي زخرفتها ورقة نبات شوك اليهود.
أغلب زخارف الجامع من الجص منقوشة بمهارة، ويوجد بين السقف وطراز الأقواس إزار خشبي منقوش في منتصفه آيات قرآنية بالخط الكوفي البسيط كُتِبَت منذ بناء الجامع، أما السقف فكان من جوائز مأخوذة من جذوع النخل، وغُطِّيت من جوانبها الثلاثة بالخشب، وتم وضع عوارض عمودية في المساحة الفارغة بين الجوائز.
تختلف الزخارف المنقوشة على واجهات البوائك المحيطة بصحن المسجد عن الزخارف المنقوشة داخله بكونها عبارة عن مجموعة من السُّرَر الجِصِّية المحفورة بعمق بدلًا من الإزار الخشبي، وهي موضوعة في مضلَّعات ثمانية بالتبادل بين شكلين مختلفين اختلافًا بسيطًا، ويوجد سرَّة كبيرة في شكل هندسي دائري على جانبي الطاقات الصغيرة.
توجد مناور أو طاقات مصفوفة على العقود وموضوع عليها شبابيك جِصِّية مثقوب فيها أشكال هندسية يمكن رؤية السماء من ورائها، ويبلغ عدد الشبابيك ثمانين شبَّاكًا، أربعة منها من طراز مختلف موضوعة على جدار القِبلة.
الفكرة من كتاب تاريخ ووصف الجامع الطولوني
نتعرف في هذا الكتاب على الأمير أحمد بن طولون وأعماله، ونعرض أيضًا تاريخ الجامع الذي بناه فظل موجودًا إلى الآن كواحد من أقدم الآثار العربية في مصر، كما نَصِف الجامع أيضًا من الداخل والخارج، هيا بنا لنأخذ جولة في جامع ابن طولون..
مؤلف كتاب تاريخ ووصف الجامع الطولوني
محمود عكوش: مؤرخ مصري، وخبير في الآثار، ولد عام ١٨٨٥م، التحق بمدرسة الأنجال التي قام بتأسيسها الخديوي توفيق لأبنائه، وبعد إتمام دراسته عمل سكرتيرًا في لجنة حفظ الآثار العربية، كما قام بالتدريس في المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة، وقدَّم له المعهد الوسام الأكاديمي، وقد عُرِف بسعة علمه بالآثار العربية والتاريخ الإسلامي، كما أنه قد أتقن اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وتوفي عام ١٩٤٤م، وسُمِّي باسمه شارع بالقاهرة في مدينة نصر.
من أعماله: “المسجد الأعظم بالمدينة”، و”مصر في عهد الإسلام”.
من الأعمال التي قام بترجمتها: “حفريات الفسطاط”، و”سلسلة تاريخية للآثار العربية”.