وصفُ الماوردي
وصفُ الماوردي
أضاف الماوردي إلى التأمُّل في ذاته الشريفة المعلمة تفنيدًا وبيانًا لخصائص وشمائل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكيف للمعلم والمتعلم الاقتداء به (صلى الله عليه وسلم) في الكمالٍ والفضيلة، أمَّا الكمال ففي خلقِهِ وخُلقهِ (صلى الله عليه وسلَّم)؛ فوهبه ربُّنا (جل وعلا) سكينةً في وجهه، ما يجعل الرائي يُكنُّ له الهيبة والتعظيم بلا حاجةٍ إلى سطوةٍ أو واجهة مفتعلَة، وشاعت محبته (صلى الله عليه وسلَّم) وتأصَّلت في القلوب، وكان منظره (صلى الله عليه وسلَّم) يجعل الناظر إليه يُحسن قبوله والاستماع إليه؛ فمالت النفوس إلى اتِّباعه (صلى الله عليه وسلَّم).
وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صاحب بصيرة وفراسة في من يأتيه، وأنعم الله (عز وجل) عليه برجاحة العقل وصحَّة الرأي، وكمُلَ خُلُقه بصبره على الصِّعاب وثبات حاله في العسر واليسر، ولم يكترث (صلى الله عليه وسلم) للدنيا ولا أحبها، وقد استحق علوًّا ورفعة في مقامه إلَّا إنه كان متواضعًا، وقورًا، متأنيًا في قوله وفعله، وفيًّا بالوعد وذاكِرًا لمن أحسن إليه.
أمَّا فضائله (صلى الله عليه وسلم) ففي قولهِ وفعلِه؛ فعلى الرغم من كونه أميًّا لا يقرأ ولا يكتب إلا إنه كان حكيمًا وعالمًا بعلوم الآخرة بما علَّمه الله (عز وجل)، وقد حفِظ عن الله ما أخبره تعالى من أخبار وقصص للأمم السابقة أحسن الحفظ، وكان (صلى الله عليه وسلم) واضح الدليل قويَّ الحجة، ودعا لحُسن الخلق وشدَّد على ذلك لما له أثر في قبول العلم ورفضه، أما عن إجابته (صلى الله عليه وسلم) فقد كانت واضحة صادقة ككل حديثه الذي لا يُخالطه ما لا ينفع، ينطِق به عن علمٍ بلسانٍ عربيٍّ فصيح.
أما عن أثر أفعالهِ الفاضلة فكانت حسن السيرة وصحة السياسة وجاهد أعداءه وكان في ذلك شجاعًا سبَّاقًا للثبات في ميادين الحرب، وأحسن الجمع بين الرغبة والرهبة في نفوس المسلمين حتى يستقيم إيمانهم، ووازن بين الدين والدنيا، وكان هذا من أعظم أدلةِ عدله (صلى الله عليه وسلم) فلا يُفرِّط ولا يُفرِط؛ فبلَّغ الشريعة بأوفى وأجود ما يكون حكمةً وحرصًا.
الفكرة من كتاب الرسول المعلم وأساليبه في التعليم
هذا الكتاب إسهاب لمحاضرةٍ أُلقيت في كلية الشريعة وكلية اللغة العربية بالرياض بالمملكة العربية السعوديَّة، ونتج عنها كتاب باسم “الرسول المعلم وأساليبه في التعليم”، وهو وصف وتفنيد للفكرة المعنيَّة، أي كيف كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) معلمًا في قوله وفعله، وحتى في صمتهِ، على هيئة أحاديث وآثار من حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) منتقاة من الكتب الستة، واحتوى في طيَّاته الكثير من الأفكار التي تصلح أن تكون منارةً لكل مُعلِّم في إبانةٍ وتفصيل.
أما عن سبب التأليف فهو لصلة هذا الموضوع بالعلم والعلماء والتعلم والمتعلمين، وقد خرج هذا الكتاب إلى النور متأخرًا بسبب انتظار الكمال وتمام العِلم، وهذا مما لا يكون.
مؤلف كتاب الرسول المعلم وأساليبه في التعليم
عبد الفتَّاح بن محمَّد بن بشير أبو غدَّة: سوري من مواليد حلب عام 1917م، درس في كلية الشريعة جامعة الأزهر بمصر، كما درس تخصُّص أصول التدريس في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعمل مدرسًا في جامعة الإمام محمَّد بن سعود في السعوديَّة، وله أكثر من سبعين مؤلفًا أكثرها يدور في فلك أصول الحديث منها: “من أدب الإسلام”، و”صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل”، وتوفي عام 1997م عن عمر يناهز الثمانين.