وسيط التبادل
وسيط التبادل
أبسط طريقة للتبادل عُرفت بالمقايضة، وكانت عبارة عن طريقة لتبادل السلع في المجتمعات البدائية الصغيرة، وكان إنتاج الأفراد مقتصرًا على أساسيات البقاء، ومع ظهور المجتمعات المتطورة أصبح الاقتصاد أكبر حجمًا، وتخصص الأفراد في العديد من الصناعات، وظهرت مشكلات عدة في ما يتعلق بالمقايضة البدائية هي: ندرة التطابق في القياسات، فقيمة ما ترغب به قد لا تساوي قيمة ما تعرضه، وندرة تطابق الأطر الزمنية، إذ قد يكون ما تعرضه قابلًا للتلف في مقابل أن ما تريده غير قابل للتلف، وأخيرًا ندرة تطابق المواقع، إذ ربما تريد مقايضة منزل بآخر وكلاهما غير قابل للنقل.
ولحل هذه المشكلات، استخدم وسيط التبادل، أي أن تبحث عن سلعة يريدها الطرف الآخر كي تتم المقايضة، ولعدم كفاءة هذه الطريقة من الناحية العملية، ظهر وسيط تبادل متفق عليه بشكل واسع وهو النقد، ويمكن لأي سلعة أن تمثل نقدًا ما دامت قابلة للبيع وبأقل خسارة ممكنة، وعديد من السلع أدت دور النقد على مر التاريخ كالفضة والنحاس والملح، ولوسيط التبادل المتفق عليه أهمية كبرى، إذ إن غيابه سيؤدي إلى تنوع الأسعار مما يعوق الاستثمار والنمو الاقتصادي.
مثلت حجارة الراي -وهي أقراص دائرية ثمينة بسبب صعوبة الحصول عليها- نظامًا نقديًّا جيدًا لسكان جزيرة ياب، ولكن مع ظهور الحضارة الصناعية فقدت حجارة الراي قيمتها بسبب سهولة الحصول عليها باستخدام الآلات الحديثة، وهذا ما حدث لمعظم السلع التي استُخدمت وسيطًا للتبادل، إذ إن الطلب المتزايد على السلعة يؤدي إلى ارتفاع سعرها، كما يحفز زيادة إنتاجها، فلو كانت زيادة الإنتاج هذه ممكنة بسبب توافر الآلات الحديثة كما حدث مع حجارة الراي، سيؤدي هذا إلى انخفاض قيمة وسيط التبادل حتى يتحول إلى مجرد سلعة، ويُعد الذهب السلعة الوحيدة التي نجت من هذه المعضلة، وأثبتت جدارتها كوسيط للتبادل، ويعود هذا إلى سببين أساسيين وهما: استقرار الذهب كيميائيًّا ومن ثم صعوبة تدميره، وكذلك استحالة تصنيعه من أي مواد أخرى.
الفكرة من كتاب معيار البيتكوين: البديل اللا مركزي للنظام المصرفي المركزي
مع ظهور البتكوين وأولى صفقاته عام 2009م، ظهرت معه العديد من الاحتمالات الإيجابية، فهل من الممكن أن يمثل بداية لعودة الأسواق الحرة؟ وهل يمكن لهذه العملة الرقمية أن تتحول إلى النقد السليم الخاص بالقرن الحادي والعشرين؟ تعيدنا هذه الأسئلة إلى تحري أسباب ما يحدث حاليًّا من ضياع لرؤوس الأموال، وتقلبات العملة، وسيطرة الحكومات والبنوك المركزية على الاقتصاد.
فهل كانت هذه حال الاقتصاد دائمًا؟ وإن لم تكن، فما الذي أدى إلى هذه الكوارث الاقتصادية؟ يجيب مؤلف كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها، من خلال تحري السجل التاريخي للنقد، كما يناقش تأثير العملات الرقمية في الاقتصاد المستقبلي.
مؤلف كتاب معيار البيتكوين: البديل اللا مركزي للنظام المصرفي المركزي
سيف الدين عَمُّوص: مؤلف واقتصادي فلسطيني الجنسية، ويعمل أستاذًا مساعدًا للاقتصاد في الجامعة الأمريكية اللبنانية، حصل على درجة الدكتوراه في التنمية المستدامة من جامعة كولومبيا، وتركز أبحاثه على العملات المشفرة، وله عديد من المؤلفات منها:
The Fiat Standard: The Debt Slavery Alternative to Human Civilization.
Principles of Economics.
معلومات عن المترجم:
أحمد محمد حمدان: درس العلوم الإدارية والاقتصادية، كما حصل على إجازة في الأدب الإنجليزي.