وسائل ملتوية
وسائل ملتوية
على الرغم من نهي الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن صور الضرر المختلفة حال الخلاف كما جاء في الحديث: “ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء”، إلا إننا اليوم نرى الأمة المسلمة منقسمة إلى أصوات هادئة معدودة، وأصوات غاضبة مزمجرة، وأصوات توزع اللعنات على الجميع ولا تستثني من الخطأ سوى نفسها، وهذه الصور المختلفة من الإهانة، والمعاصر منها مثل الشتم عبر مواقع الإنترنت والفضائيات، من الوسائل الملتوية التي يتبعها البعض حال الخلاف.
ومن الوسائل الملتوية كذلك: توظيف النص الديني للأغراض الشخصية، فيجعل المرء ما رزقه الله من العلم والدين وسيلة لكسب معاركه أمام الآخرين أو التعزُّز بها ضدهم متغافلًا عما قد يسبِّبه هذا من أذى للطرف الآخر ضعيف العلم بالنصوص، بل ومتسبِّبًا في إنكارها أو إنكار بعضها في بعض الأحيان، وهذا الأسلوب في استغلال النصوص بالطبع ليس من الدين ولا من الأمانة في شيء.
ومن صور غياب الحكمة والتعقُّل في التعامل مع النصوص هو التعصُّب للرأي الشخصي ومحاولة تحصينه بدعوى الإجماع عليه، أو بتفسير النصوص بظاهرها ومحاولة وعيد المخالفين له، هنا على الرغم من ظاهر التعصُّب للدين، فإن المرء أحيانًا يكون متعصِّبًا لنفسه، بينما أتى الإسلام بما هو أعم وأشمل.
والعقلاء لا يحمِّلون الإسلام مسؤولية اجتهاداتهم الخاصة أو رؤاهم الشخصية، بل يراجعون أنفسهم ويقيسونها على معيار الحق من الكتاب والسنة، ويضعون في حسبانهم المصالح والمفاسد الواقعية.
الفكرة من كتاب شكرًا أيها الأعداء
يقول حاتم الأصم: “معي ثلاث خصال بها أظهر على خصمي”، قالوا: “أي شيء هي؟”، قال: “أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن له إذا أخطأ، وأحفظ نفسي ألا تتجاهل عليه”، في هذا الإطار يأتي هذا الكتاب بمقالاته العديدة ليناقش قضية الخصومة بين أفراد الأمة المسلمة.
هنا يشرح لنا سلمان العودة لماذا حدثت هذه الخلافات بين الأمة الواحدة وكيف تفاقمت بحيث أصبحنا في صراع دائم من النقد والرد، كذلك فهو يحدثنا عن كيفية الخروج من هذه الصراعات بمستوياتها المختلفة وكيفية الحفاظ على السلام مع النفس والتعايش والتصافي مع الآخرين على الرغم من الخلاف.
مؤلف كتاب شكرًا أيها الأعداء
سلمان العودة: داعية وعالم دين ومفكر إسلامي سعودي من مواليد عام 1956م في القصيم، وقد تخرَّج في كلية الشريعة وأصول الدين وحصل على الماجستير والدكتوراه في السُّنة، وعمل أستاذًا بالجامعة حتى تم إيقافه، حيث كان من أبرز من أطلق عليهم مشايخ الصحوة في الثمانينيات والتسعينيات، وشغل العديد من المناصب في المؤسسات والمجالس والجمعيات الخيرية الإسلامية.
عرف عن العودة استهدافه للشباب بمؤلفاته وبرامجه التلفزيونية، فقد ألَّف العديد من الكتب، مثل كتاب “رسالة الشباب المسلم في الحياة”، وكتاب “بناتي”، كما قدَّم عددًا من البرامج عبر القنوات الفضائية مثل برنامج “الحياة كلمة”، وبعض البرامج عبر اليوتيوب مثل برنامج “وسم”، وبرنامج “آدم”.