وسائل مشروعة/ أو غير مشروعة
وسائل مشروعة/ أو غير مشروعة
لا بد أن يكون هناك سؤال، وقد تبادر إلى أذهاننا بالفعل، ألا وهو: إذا كان العرب وقتها بكل ذلك التقدم وكل تلك الحضارة العلمية كيف إذًا وصلت إلى الغرب فأصبحوا تدريجيًّا على ما هم عليه اليوم؟ كيف نُقلت تلك العلوم والمعارف إليهم؟
الإجابة: بعدة طرق منها الحروب الصليبية وحركات الاستشراق وبالطبع الترجمة، فقد استمرت الحروب الصليبية فترة طويلة ساعدت على دراسة العالم الإسلامي شعبًا وعلومًا ولغة، وأما الترجمة فقد ساعدت عليها الفتوحات الإسلامية ودخولها إلى الأراضي الإفرنجية واحتكاكها بالسكان، فمثلًا المتأمل في حال صقلية وإيطاليا قبل دخول المسلمين لها وبعد دخولهم إليها يرى فرقًا شاسعًا وتأثيرًا واضحًا للثقافة العلمية العربية الإسلامية.
من أسباب النهضة الأوروبية أيضًا تأثر بعض المدارس والجامعات بالثقافة الإسلامية العربية، ومنها مثلًا مدرسة سالرنو الإيطالية للطب، وسبب تأثرها بالحضارة العربية قربها من مدينة صقلية التي ذكرناها سابقًا، وبقيت هذه المدرسة مدة قرنين من الزمان تنقل الطب إلى أوروبا ثم أسلمت الراية بعد تدهورها إلى مدرسة مونبلييه الفرنسية، والتي على غير عادة الغرب ما زالت إلى اليوم تعترف بفضل الثقافة العربية كما يقول أحدهم: “احذف العرب من التاريخ يتأخَّر عصر التجدُّد في أوروبا عدة قرون”. وعلى الرغم من هذا كله فلا ينفي الغرب أنفسهم حالات السرقة وادِّعاء نسبة العلوم التي حصَّلوها لغير المسلمين، كما حصل من قسطنطين التاجر الإفريقي الذي استوطن مدينة سالرنو الإيطالية، وبعد عدة رحلات للشرق كان يدرس فيها الطب ويرى آخر ما توصَّل إليه العرب والمسلمون كان يعود إلى بلاده فيقصُّ على الناس وييهرهم بما توصَّل هو إليه، مدعيًا العلم لنفسه، نعم كان يحدثهم بالدليل العلمي ويؤلف الكتب الباهرة على الرغم من ضعف اللغة العلمية، وبعد أربعين عامًا من السرقة فُضِح على يد طبيب آخر وهو أسطفان الذي أسلم أذنيه لقسطنطين في البداية إلى أن بدأ بنقل علوم العرب جرَّاء الحروب الصليبية مكتشفًا التشابه الكبير بين ما تدَّعيه الصورة وما هو موجود في الأصل!
الفكرة من كتاب هكذا كانوا يوم كنا
يوصلنا الجهل أحيانًا إلى أن نعظِّم ما هو حقير، وأن نحقر ما هو عظيم، إلى أن نستهين بالحق ونعلي من الباطل، وإلى أن نطلق أحكامًا في الهواء لا أساس لها ولا برهان، فالعلم يضبط الموازين ويريك الصور على حقيقتها ويربط الأسباب بالنتائج والماضي بالحديث، ويريك التدرُّج التاريخي، ويطلعك على السنن الإلهية لتعرف أين كانوا وأين كنا!
مؤلف كتاب هكذا كانوا يوم كنا
حسان شمسي باشا: طبيب سوري من مواليد حمص عام 1951م، وكان من الخمسة الأوائل في كلية الطب، حصل على شهادة الدراسات العليا في الأمراض الباطنية من جامعة دمشق عام 1978، كما نال درجة الشرف الأولى في الرسالة التي أعدَّها بعنوان “اعتلال العضلة القلبية”.
سافر بعدها إلى بريطانيا للتخصُّص حيث مكث في لندن ومانشستر وبرستون زهاء عشر سنوات، تخصَّص خلالها بأمراض القلب، وعمل زميلًا باحثًا في أمراض القلب في مشافي جامعة مانشستر لمدة ثلاث سنوات، ثم ذهب إلى المملكة العربية السعودية عام 1988 ليعمل استشاريًّا لأمراض القلب في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة، ومن مؤلفاته:
الأسودان: التمر والماء.
قلبك بين الصحة والمرض.
الوقاية من أمراض شرايين القلب التاجية.