وسائل التربية في القرآن
وسائل التربية في القرآن
إن القرآن الكريم هو كلام الله (عز وجل) لعباده، فمن أراد أن يعرف ما الوسائل التي يصلح بها تربية الإنسان عليه بالقرآن، فإن وسائل التربية في القرآن هي: التربية بالموعظة، والتربية بالقصة، والتربية بالأحداث، والتربية بالعقوبة.
فعن التربية بالموعظة يقول تعالى: ﴿هَٰذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ﴾، ومن المواعظ التي قدَّمها القرآن لتهذيب النفس: كظم الغيظ، يقول تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.
أما التربية بالقصَّة فالقرآن مليء بالقصص الحق، فالقصة إحدى وسائل التربية المهمَّة، ولو تأمَّلنا قصص القرآن نجدها مليئة بالأمور الجليلة، فمثلًا في قصَّة يوسف (عليه السلام) نجد المحن التي مرَّ بها، وكيف أن قدرة الله (عز وجل) ورحمته نفذت في كل محنة، فصارت تلك المحن منحًا عظيمة، وقد نزلت سورة يوسف على النبي (صلى الله عليه وسلم) حين توُّفي عمه أبو طالب، وزوجته خديجة (رضي الله عنها)، وكأنها تربط على قلبه (صلى الله عليه وسلَّم).
أما التربية بالأحداث فهي من أقوى وسائل التربية، وذلك لأن الأحداث ترتبط بحياة الناس، فمثلًا نجد في أحداث غزوة أحد أن المسلمين تعلَّموا أمورًا كثيرة لولا تلك الأحداث لما أدركوها، فأدركوا أن النصر ليس في العدد والعدَّة وإن كان لزامًا الاجتهاد فيها، بل هو من عند الله، وأدركوا حقيقة قلوب المنافقين، وأدركوا أهمية توحيد الصفوف وثباتها، فانتهت المعركة في ميدان الأرض لتنتقل في ميدان النفس.
وأخيرًا التربية بالعقوبة، فإن النفوس تختلف في طبيعة التعامل معها، لذا قد يلجأ القرآن لاستعمال العقوبة حين تُستنفذ كل الوسائل الأخرى، ومن أنواع العقوبة: التهديد بغضب الله، أو العقاب الأخروي، وغيرهما.
الفكرة من كتاب منهج القرآن في تربية الرجال
كثرت المُؤلفات في مجال التربية وصناعة الإنسان، وانطلق المؤلفون بالكتابة في هذا المجال من مُنطلق مفهومهم عن الحياة، إلَّا أن الله (عز وجل) لم يخلق الإنسان ويتركه سُدًى، بل أنزل إليه كتابه وقال فيه ﴿إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾، فحين تخلَّى الناس عن القُرآن، اتجهوا إلى الشرق والغرب في محاولة لمعرفة الإنسان ومعرفة الطُرق تربيته.
انطلق كاتِبُنا في محاولة لاستمداد منهج القرآن الكريم في تربية الإنسان، في محاولة لمعرفة كيف يُربِّي القرآن العقل، والجسم، الروح؟ وكيف يضبط القرآن الدوافع الفطرية في الإنسان، فيجعلها وسطًا فلا يكبتها أو يتركها تتحكَّم به.
مؤلف كتاب منهج القرآن في تربية الرجال
الدكتور عبد الرحمن عميرة: مفكر وباحث عربى، حقَّق عددًا من كتب أئمة السلفية، فقد قام بتحقيق كتاب “تفسير فتح القدير” للإمام الشوكاني، وكتاب “الرد على الجهمية والزنادقة” للإمام أحمد.
من مؤلفاته: “رجال ونساء أنزل الله فيهم قرآنًا”، و”المذاهب المعاصرة وموقف الإسلام منها”، و”الطريق إلى الله”.