واندلعت الثورة
واندلعت الثورة
عام 1952 خرج الشيخ من الجزائر بتكليف من الجمعية فمر بمصر ثم سافر إلى باكستان ومنها إلى العراق، ثم إلى الحجاز للحج عام 1952، ثم عاد إلى القاهرة وتردَّد منها على سوريا والعراق والقدس، وكان لتلك الرحلات غرضان: أولهما مشاركة جهود الدعوة في تلك الأقطار، وهو ما يراه البشير فرضًا عليه نحو إخوانه المسلمين، والغرض الثاني هو تقريب المسافات، ودعوة الحكومات لمساندة نهضة الجزائر العلمية، بالمال أو بالبعثات العلمية، ولم تكن جهود الدعم المادي مثمرة، غير أنه تم ابتعاث بعض الشباب الجزائري إلى عدد من العواصم العربية، وتم فتح مكتب للجمعية في القاهرة للإشراف على تلك البعثات.
وبينما الشيخ في مصر أتت أنباء اندلاع الثورة بالجزائر، فوقف مساندًا لها بلسانه وقلمه، وأصدر بيانًا في اليوم التالي لاندلاعها مباشرةً بعنوان “مبادئ الثورة في الجزائر” مؤيدًا ومثبتًا، وبعد أسبوعين وجه نداءً بعنوان “نداء إلى الشعب الجزائري المجاهد، نعيذكم بالله أن تتراجعوا”، وكان مما قال فيه: “لم تُبقِ لكم فرنسا شيئًا تخافون عليه ولم تُبقِ لكم خيطًا من الأمل تتعلَّلون به، إن فرنسا لم تُبقِ لكم دينًا ولا دنيا وكل إنسان في هذا الوجود البشري إنما يعيش لدين ويحيا بدنيا، فإذا فقدهما فبطن الأرض خير له من ظهرها، إنكم مع فرنسا في موقف لا خيار فيه ونهايته الموت، فاختاروا ميتة الشرف على حياة العبودية.. وما كان للمسلم أن يبخل بماله أو بمهجته في سبيل الله والانتصار لدينه وهو يعلم أنها قربة إلى الله، وما كان له أن يرضى الدنية في دينه إذا رضيها في دنياه…
سيروا على بركة الله وتوفيقه إلى ميدان الكفاح المسلح، فهو السبيل الواحد إلى إحدى الحسنيين: إما موت وراءه الجنة، وإما حياة وراءها العزة والكرامة”.
الفكرة من كتاب من أنا؟ محمد البشير الإبراهيمي
سيرة محمد البشير إنما هي سيرة إمام وعالم ومناضل، حمل راية العلم والإصلاح لتحرير أمته، مما أسماهما الاستعمارين المادي والروحي، أما المادي فهو الاحتلال الفرنسي، وأما الروحي فهو الخرافات والبدع التي انتشرت على يد مشايخ الطرق، وتتناول هذه السيرة مراحل حياته منذ نشأته في الجزائر وتلقيه العلم، ثم انتقاله إلى المدينة المنورة وتدريسه بالمسجد النبوي، وبعدها إلى دمشق ومن ثم عودته، ودوره في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وموقفه من الاستعمار الفرنسي، ومن الثورة الجزائرية المجيدة.
وقد قام بجمعها وتحقيقها الدكتور رابح بن خوية من ثلاثة مقالات كتبها محمد البشير بنفسه لمناسبات مختلفة، وأضاف عددًا من أهم خطبه التي تبيِّن جزءًا من مواقفه في آخر حياته، مستعينًا في ذلك بكتاب “آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي” الذي كتبه ابن الشيخ الأصغر أحمد.
مؤلف كتاب من أنا؟ محمد البشير الإبراهيمي
محمد البشير الإبراهيمي، إمام ومفكر ومؤلف، ولغوي جزائري، ولد عام 1889، من أئمة الإصلاح إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر، أسَّس مع الإمام عبد الحميد بن باديس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، وكان له دور في التمهيد للثورة الجزائرية ودعمها بلسانه وقلمه.
من مؤلفاته: “مقالات عيون البصائر”، و”بقايا فصيح العربية في اللهجة العامية بالجزائر”، و”أسرار الضمائر في العربية”، ورواية “كاهنة أوراس”، و”شعب الإيمان”، وملحمة “رجزية تبلغ ستة وثلاثين ألف بيت”.