هو المسيطر
﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ اختلف العلماء في تفسير الكرسي على أكثر من معنى، فمنهم من أوَّل الكرسي على معنى العلم أو القدرة أو السيطرة أو غيرها، ومنهم من أبقى المعنى على حقيقته في أن المقصود بالكرسي هو الكرسي (وهو ما عليه الكاتب)، ولا يمنع ذلك أن تكون الآية دالة على السيطرة والقوة بطريق غير مباشر، فيتبع كون الكرسي -وهو أحد مخلوقات الله- قد وسع السماوات والأرض -وهما أيضًا من مخلوقاته- أن الله مسيطر على ذلك جميعًا وقاهرٌ فوق عباده.
ومع ما نراه في الكون من طبقات متعددة من التعقيد الشديد والضبط الدقيق، فنجد أن هذا كله على الله يسير و﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ﴾، ومعنى يئوده أي يثقله أو يتعبه، فنفى الله عن نفسه أي عجز أو تعب لأنه من النقص الذي لا ينبغي لله سبحانه، فبقاء السماوات والأرض وما فيهن متوقف عليه، ﴿وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾.
ومن علم أن الله مسيطرٌ وقاهرٌ فوق كل مخلوق، ألجأ ظهره إليه في كل حين ولم يخشَ أحدًا من خلقه وعلم أن الله يحفظ عباده المؤمنين كما يحفظ السماوات والأرض.
الفكرة من كتاب مدارسات في الهدى المنهاجي لآية الكرسي
إنها أعظم آي القرآن، وكنز الراغبين في معرفة الله والتقرُّب إليه، هي آية الكرسي؛ آية واحدة تجمع حقائق التعريف برب العالمين، وفوق كل ذلك جوهرة الأسماء الحسنى.. اسم الله الأعظم.
تجدون في هذا الكتاب مدارسة لما تحويه آية الكرسي من قواعد كلية في معرفة الله (عز وجل) وتتبعها في كل جزء من الآية، ثم يذكر الكاتب بعض الرسائل للفهم الصحيح لأسماء الله وصفاته، موضحًا الخطوات العملية لتطبيق ما في هذه الآية من منهج تربوي فريد عسى أن نقتدي بنبينا (صلى الله عليه وسلم)، فقد كان خلقه القرآن.
مؤلف كتاب مدارسات في الهدى المنهاجي لآية الكرسي
فريد الأنصاري: كاتب وعالم دين وأديب، ولد عام ۱۹٦٠ بجنوب شرق المغرب وتحديدًا بإقليم الرشيدية، حاصل على الإجازة في الدراسات الإسلامية من جامعة السلطان محمد بن عبد الله المغربية، كما كان أستاذ كرسي التفسير بالجامع العتيق لمدينة مكناس، وتميز بقلم أدبي رفيع وكان له اهتمام خاص بالقرآن، وتوفي رحمه الله عام ٢٠٠٩ في إسطنبول.
من أبرز مؤلفاته:
آخر الفرسان.
هذه رسالات القرآن: فمن يتلقاها!
بلاغ الرسالة القرآنية: من أجل إبصار لآيات الطريق.