هويتك المالية
هويتك المالية
إن استثمار مواردك المالية متوقف على الطريقة التي تتعامل بها مع الوقت، هل ما زال عقلك يعمل بالطريقة التي كان يُفكر بها أسلافنا، الطريقة البُدائية المبنية على اتخاذ قرارات لها عوائد فورية لتلبية الاحتياجات الأساسية للعيش، أم إنك قادر على مقاومة هذه الرغبة في الحصول على العائد الفوري وتأخيره للحصول على أضعافه في المستقبل؟
يعتقد البعض -بسبب التقدم التكنولوجي والمعلوماتي اللا محدود- أن فكرة اتخاذ قرارات غير عقلانية مُتعلقة بالمال يُعد ضربًا من الخيال، وقد ابتدع عالم الاقتصاد السياسي “جون ستيوارت مِل” مصطلحَ “الإنسان الاقتصادي أو الكائن العقلاني”، ليُطلق على الشخص الذي يستطيع الاستفادة من هذا القدر الهائل من المعلومات ويتخذ قرارات عقلانية بشأن المال، ولو تفكرنا في عصرنا الآن سنجد أن لا أحد يمكن أن يحصل على هذا اللقب، فحتى بوجود الذكاء الاصطناعي والروبوتات ما زالت بعض القرارات الخطأ تُتَّخذ، ويرجع هذا إلى أن مُبرمج هذه الآلات بشر،
وهذا التفكير ما اعتمد عليه عالم السياسة “هربرت سيمون” لإثبات زيف نظرية “الإنسان الاقتصادي”، موضحًا أن الإنسان يمتلك عقلانية وقدرة محدودة على معالجة المعلومات مما يجعله غير قادر على أن يكون عقلانيًّا دائمًا، إذ توجد عوامل مختلفة أخرى تتحكم في قراراتنا أهمها العاطفة، فبدلًا من أن نكون نموذجًا مشابهًا للإنسان الاقتصادي، نشبه “الإنسان العاطفي” الذي صاغه العالم “تيم بيتشيلت” لتوضيح سلوكنا المتبع في اتخاذ القرارات.
إن علاقتك العاطفية التي تتمتع بها مع المال هي التي تُحدد قراراتك تجاهه، لذلك من المهم إدراك ذاتك المالية، أو -كما يطلق عليها الكاتب- “هويتك المالية”، فلكل منا هوية مالية تتطور باكتساب الخبرات المختلفة بدءًا من خبرات العائلة وطريقة تصرفها في المال، مُرورًا بالتقاليد الثقافية والاجتماعية والعمل والخبرات الشخصية، وصولًا إلى علاقاتنا بالآخرين.
بعد اكتشاف هويتك المالية سيتشكل لديك وعي “بدورة المال الخاصة بك”، وبمعرفتها يمكن أن تضيف إليها مرحلة الاستثمار لتعزيز تلك الهوية، ولتقريب هذا المعنى يطرح الكاتب هويته المالية المُتمثلة في كونه شخصًا مغامرًا، وعلى هذا الأساس فدورة المال الخاصة به هي: جمع المال وادخاره، ثم إنفاقه على السفر، ولكن هذه الدورة لم تكن كافية لتمويل مزيد من الرحلات التي كان يَرغب في خوضها، فأضاف إلى دورته عنصر الاستثمار، فصار يسعى إلى العمل لادخار المال، ومن ثم الاستثمار لتمويل رحلات سفر أكثر، وبهذا لم يُغير هويته المالية، بل عزَّزها بإضافة عادة الاستثمار.
الفكرة من كتاب تحكيم العقل في إدارة المال: إن فهم سلوكك المالي أمر ضروري لتحقيق حريتك المالية
إن الوصول إلى الحرية المالية وتكوين ثروة تُغنيك عن طلب المساعدة من الآخرين عند تقاعدك مطلبٌ يسعى إليه الجميع، ولكن القليل مَن يأخذون خطوات واقعية لتحقيق هذا الهدف، ويركزون على الأشياء التي تمكنهم من التحكم فيها لتغيير أوضاعهم المالية، فالأغلب لا يدرون ماذا يُشكل المال بالنسبة إليهم، ولا يعرفون طرائق الاستثمار المثلى، وكيف يتعاملون مع الخسائر التي تحدث في أثناء رحلة الاستثمار، ومن هنا جاءت فكرة الكتاب، فهو رحلة تطلعك على ذاتك المالية، وطرائق إدارة المال بما يتناسب مع أهدافك والحياة التي تُريد أن تعيشها.
مؤلف كتاب تحكيم العقل في إدارة المال: إن فهم سلوكك المالي أمر ضروري لتحقيق حريتك المالية
إيفان لوكس: محاضر وخبير في استراتيجيات الأسواق المالية، أحَب عالم الأسواق والمال منذ طفولته مما دفعه إلى الاهتمام بالتمويل السلوكي خلال مسيرته المهنية التي امتدت لما يزيد على عقد ونصف العقد، عرف خلالها العوامل المختلفة المُؤثرة في الأسواق المالية، فصار قادرًا على توجيه المستثمرين لاتخاذ قرارات صائبة في الاستثمار، كما شارك في عديد من البرامج الاستثمارية، مثل: برنامج The project، وقناة Sky News
معلومات عن المُترجمة:
عُلا البِزرة: مترجمة لها عديد من الترجمات، منها: “رواية المحاصرة” لديلّا رايت.