هل يمكن للبشر تعديل خصائصهم الوراثية؟
هل يمكن للبشر تعديل خصائصهم الوراثية؟
إذا قمنا بالانطلاق من مشيج أوَّلي، أي بويضة أنثوية غير ملقَّحة ولكن من دون نواتها المحتوية على الحمض النووي، وإذا حاولنا تخصيب البويضة بواسطة حيوان منوي، نجد أنه لن يحدث شيء لأن الخلية ينقصها النواة، ولكننا إذا أدخلنا نواة مستخرجة من خلية عادية من الجسم وتحتوي على نواتها الخريطة الجينية كاملة مع توفير الظروف المناسبة، نجد أننا نصل إلى كائن شبيه بالكائن الذي استُخرجت النواة من إحدى خلاياه، فيما يُطلق عليه “برنامج التطور الجنيني” الذي جرَّبه الباحثون ولكنه لم يلقَ نجاحًا كبيرًا، وتُسمَّى تلك العملية بعملية نزع الخلية لسد حاجة خلية أخرى.
ويقوم جسم الإنسان طبيعيًّا بمثل هذه الأمور عند الحاجة إلى ذلك، فالإنسان الذي يعاني فقر الدم أو الذي يسكن في المرتفعات نجد جسمه يحفِّز نفسه لإفراز هرمون تكوين الكريات الحمراء (EPO) لسد حاجة الجسم إلى الدم والأكسجين، وعندما تموت هذه الكريات ويضيع منها الحمض النووي يتخَّلص منها الجسم ويستبدلها بأخرى جديدة (كما في مثال عملية النسخ)، لنصل هنا أيضًا إلى أن الحمض النووي ضروري لبقاء الجسم حيًّا.
اكتشف الباحثون أن جينات بعض الفيروسات تتألَّف من حمض نووي مؤكسد (RNA) وليس من الحمض النووي غير المؤكسد (DNA)، ليجدوا بالفعل أن الحمض النووي هو حامل الجينات ولكن ليس من الضروري أن يكون الـ(DNA)، وبالمناسبة هذه الفيروسات يُطلَق عليها اسم الفيروسات المعكوسة، ومن أشهرها فيروس داء فقدان المناعي المكتسب أو الإيدز (HIV)، ومع تطوُّر الدراسات الجينية تمكَّن الباحثون من وصف مكوِّنات الأجسام الحية وصفًا دقيقًا، لكنهم رغم ذلك لم يستطيعوا الإحاطة بكل هذا التعقيد لوصف اشتغال هذه الأجسام سواء في الظروف العادية أم في حالة المرض.
الفكرة من كتاب ما الجينات؟
استطاعت معرفة البشر الدقيقة للجينات تحسين ظروف البشرية بصورة كبيرة، إذ ضاعفت الإنتاج الزراعي فقضت على مجاعة كانت تنتظر العالم الذي كثر سكانه، كما ساعدت البشر على معرفة الأمراض الوراثية وفهمها للحد منها، حتى وصل الأمر مع التطور الذي سبَّبه البرنامج الدولي “الجينوم البشري” إلى النظر في جينات الإنسان نفسه عن فرضية أن الموروثات الجينية هي التي تقرِّر كل شيء في حياتنا من خصائصنا البيولوجية إلى سلوكياتنا الاجتماعية والثقافية.
يتحدث هذا الكتاب عن الجينات وأهمية الحمض النووي، وكيف تنتقل معلوماتنا الوراثية، هل يمكن للبشر تعديل خصائصهم الوراثية؟
مؤلف كتاب ما الجينات؟
شارل أوفراي: كاتب ومتخصص في علم الجينات الجزيئي، يعمل مديرًا للأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي، كما يُعدُّ أحد العاملين الرئيسين في مجال برنامج الخريطة الجينية البشرية الدولي.
من أهم مؤلفاته: كتابا “الخريطة الجينية البشرية”، و”ما الحياة؟”.