هل يمكن أن تمتلك الصخرة وعيًا ما؟

هل يمكن أن تمتلك الصخرة وعيًا ما؟
حاول بعض العلماء أن يبعدوا مصطلح “شمولية الوعي” عن المعتقدات الدينية، فرأوا أن الوعي كالجاذبية والكهرومغناطيسية، أي إنه قوة ما يمكن للفيزياء الكشف عنها، كذلك فعَل التفكير الحديث فاتخذ من العلوم مرشدًا، وتماشى تمامًا مع مذهب الفيزيائية والاستدلال العلمي. في حين أن بعض العلماء شككوا في قدرة الفيزياء على إعطاء جواب كافٍ لتعريف ماهية الوعي، إذ لا تخبرنا الفيزياء بشيء عن الطبيعة الجوهرية للمواد أو الكيانات التي تتحدث عنها، وما نعرفه يقينًا عن الطبيعة الجوهرية للمادة أن بعض المواد تمتلك خبرة، وهذا يُرجعنا إلى شمولية الوعي التي تقول: “إن الوعي خاصية أولية في المادة”، لكن ما إن نقول ذلك يتوهم البعض أننا نعتقد أن الصخور واعية، ومن خلال تلك الجملة المثيرة للسخرية على نحو واضح، يُرفض مفهوم شمولية الوعي!

صحيح أننا نرى بعض التماثل بيننا وبين الحيوانات، لذا قد نطلق مفهوم “الوعي” عليها بدرجات متفاوتة، بينما لا نرى تلك التماثلات في النباتات والجمادات، لذا يكون من السخيف عزو الوعي إليها، هكذا هو انحيازنا البشري، ولكي نتغلب عليه علينا أن ننظر إلى الأشياء الأخرى من خلال عقليتها هي، لا من خلال الوعي الإنساني بها، أي علينا أن ننظر إليها من “خاصية الكون” التي تَعُدُّ لكل كائن عقليته وتجلياته الخاصة به، سواء أكان من الكائنات غير الحية أم الحية الواعية كالإنسان.
وهذا ما حاول “توماس نايجل | Thomas Nagel” أن يوضحه في مقالته “ماذا يشبه أن تكون خفاشًا؟”، فحال الخفاش الذي يطير مستخدمًا استشعاره للصدى، تختلف عن الإنسان الذي يمشي باستخدام البصر، فلكل منهما شعورٌ يختلف تمامًا عن شعور الآخر، إذ إن لكل كائن طبيعته التي يدرك بها الأشياء من حوله، وتلك الطبيعة تختلف من كائن إلى آخر، ونطلق على تلك الطبيعة “البيئة الحسية”، فلكل كائن بيئته الحسية التي يدرك من خلالها الكون من حوله، وتوفر له التنقل فيه، وعليه فإننا لن نكون أبدًا خفافيش، لكننا نستطيع أن ندرك أن لكل كائن طبيعته التي تميزه من غيره، وتوفر له فرصة للحياة والتأقلم في بيئته.
الفكرة من كتاب الوعي.. دليل موجز للغز الجوهري للعقل
نسير في طرقات الحياة، فنبصر فيها العاقل والمجنون، والذكي والغبي، وكثير من الأضداد التي نميز بها الأشياء بعضها من بعض، وما يترتب على هذا التمييز من أحكام دينية وأخلاقية وعُرفية، لكن أبرز ما نميز به الإنسان من غيره من الكائنات هو قدرته على الوعي والإدراك، لكننا مع تطور الزمان نرى نموذج الروبوت الذي يستطيع ترتيب المعلومات وتطويرها واستيعابها، فهل يمكن أن نطلق على ما لديه كلمة “وعي”؟ فما الوعي؟ وكيف يمكننا إدراكه؟ وما ماهيته؟ وما علاقته بالوهم؟
مؤلف كتاب الوعي.. دليل موجز للغز الجوهري للعقل
آناكا هاريس: كاتبة ومحررة، متخصصة في العلوم العصبية والفيزيائية، حرَّرت كتاب “الكذب” لزوجها “سام هاريس | Sam Harris”، كما شاركت في تأسيس جمعية علمية غير هادفة للربح باسم “بروجكت ريزون | Project Reason”، ومن أبرز مؤلفاتها: “أنا أتساءل” وهو كتاب للأطفال، كما شاركت “سوزان كايزر جرينلاند | Susan Kaiser Greenland” في تأليف كتاب “Mindful games, Activity cards”
معلومات عن المترجم:
أحمد هنداوي: مترجمٌ حاصل على بكالوريوس في العلوم الفيزيائية من جامعة عين شمس عام 1988م، وماجستير العلوم في الفيزياء عام 1992م، ودكتوراه الفلسفة في الفيزياء من جامعة بنسلفانيا عام 1997م، وهو مؤسس “مؤسسة هنداوي” الخيرية لنشر التعليم والثقافة بين المتحدثين باللغة العربية بالاشتراك مع الدكتورة “نجوى عبد المطلب”، كما أسس شركة “نجوى ليمتد” للتعليم، ويشغل منصب كبير المديرين التنفيذيين بها حاليًّا.