هل هم حمقى بالفعل؟
هل هم حمقى بالفعل؟
بالنظر إلى الاختلافات العامة بين مختلف ألوان السلوك، نجد أن بعض الناس يهتمون بالمشكلات، والبعض يهتمون بالعلاقات، بينما البعض يهتمون فقط بالذات، والبعض مندفعون وسريعو التصرف، بينما البعض يتحلون بالتأنّي وعدم التسرع، إن هذه الاختلافات وغيرها هي مصدر سوء التفاهم اليومي، كبيره وصغيره، فلا بد مهما كان نمط السلوك ألا نحكم على المختلف بأنه أحمق، إذ لا يوجد شخص مثالي، لا يوجد بشر كاملون، فلا أحد خالٍ من القصور والعيوب والأخطاء، ومن ثمَّ لا بد قبل أن نفكّر في أن شخصًا ما أحمق، أن نسأل أنفسنا هل هو أحمق فعلًا بسبب عيوب وأوجه قصور فيه، أم لأننا فشلنا في فهمه؟ ولا بد من الوعي بأن التواصل يحدث عادة وفقًا لشروط المتلقي، إذ يمكن أن تصبح الصفات الجيدة عيوبًا في الظروف الخطأ.
على سبيل المثال يرى كثير من الناس أن ذوي الشخصيات الحمراء مجرد أشخاص غاضبين وعدوانيين ومتعجرفين ومغرورين، وغير صبورين، ودكتاتوريين، لكن تأمل هذه القصة: لديك مشروع قضيت عدّة أيام أو أسابيع تعمل عليه، ولا تعرف ما إذا كان عملك هذا جيدًا أم لا، فتقرر أن تأخذ رأي شخص تعرف أنه سيعطيك إجابة صريحة صادقة ومباشرة، وهذا الشخص هو الشخص الأحمر، فتنتهز الفرصة وتعرض عليه ما أنجزته بكل فخر، وفي أثناء حديثك يقاطعك بإشارة من يده لأنه فقد صبره وسئم من حديثك، وقرر بالفعل ما رأيه في ما قمت به، فيقول لك هذا العمل غير جيد، ولا يعجبني، ويبدو عشوائيًّا، ثم ينصحك أن تعيد الأمر من البداية، ويغادر! ثم يتركك وحيدًا محبطًا تشعر بالبؤس، في الحقيقة إن غرض الشخص الأحمر ليس إحباطك أو التقليل من شأن ما فعلت، بل أنت من طلبت شخصًا صريحًا وصادقًا لتأخذ رأيه، وها قد فعل!
ومثال آخر وهو الشخص الأخضر، إذ يراه المختلفون عنه شخصًا عنيدًا غير مبال، ومملًّا لا يحب التغيير، ومن ثم ينظرون إليه على أنه يخاف من اتخاذ القرارات، لكن في الحقيقة الشخص الأخضر يتبع مبدأ السلامة، ولا يعرّض نفسه للمخاطر، فهو لن يقوم بأي تغيير إلا إذا شعر 100% أن التغيير والعدول عن رأيه هو الصواب، إن الامتناع عن التغيير عندما يرى الآخرون أنه القرار الصائب يفسر على أنه عناد بحت، نعم يعد العناد قوة، في بعض الأحيان، بلا شك لتجنب المخاطر، إلا أنه يخلق المشاكل.
الفكرة من كتاب محاط بالحمقى.. الأنماط الأربعة للسلوك البشري
عندما يتواصل الإنسان مع الآخرين يجد نفسه متوافقًا مع بعض الأشخاص، إذ يجد الحديث معهم سهلًا والكلمات المناسبة تتدفق بشكل طبيعي وفي سلاسة، ولا توجد أي صراعات أو نزاعات، بينما يجد عند تواصله مع آخرين أن التواصل صعب، وكل شيء يسير بشكل خاطئ، كأن ما يقوله يقع على آذان صمّاء، فيبدأ بناءً على ذلك في تصنيف الناس إلى نوعين: أناس جيدين وعاقلين، وأناس آخرين حمقى! وهذا تصنيف مغلوط، راجع إلى أننا نقارن الأشخاص بأنفسنا، فنحن نعرّف الأحمق بأنه الشخص الذي لا يتصرف أو يفكر مثلنا، ونعرّف الشخص الكثير الكلام بأنه ثرثار متكبر، لأننا لا نحب كثرة الحديث، وهكذا فإننا نطلق أوصافًا كالغباء والوقاحة على الآخرين لمجرد أنهم لا يشبهوننا، ومن هذا المنطلق يبين لنا الكاتب لماذا يعتقد بعض الناس أنهم محاطون بالحمقى لوصف الاختلافات في التواصل الإنساني، ويوضح الأنماط الأربعة الأساسية للسلوك البشري التي تسهّل علينا التواصل مع الآخرين في الحياة والمجتمع عمومًا، وفي العمل خصوصًا، حتى نصبح ماهرين في التعامل مع أنواع مختلفة من الناس، فلا نحكم عليهم لمجرد أنهم ليسوا مثلنا.
مؤلف كتاب محاط بالحمقى.. الأنماط الأربعة للسلوك البشري
توماس إريكسون ، هو مؤلف ومحاضر، كرّس 20 عامًا من حياته المهنية لمساعدة الناس على التواصل مع بعضهم بعضًا، وعلى التطور المهني، ومن كتبه:
محاط بالحمقى.
محاط بالمرضى النفسيين.
معلومات عن المترجم:
عمر فتحي، هو مترجم لعدد من الكتب.