هل نستطيع الاستغناء عن القادة؟
هل نستطيع الاستغناء عن القادة؟
في عصرنا المليء بالمشكلات تزايدت الدعوات للتفكير فيما بعد الأعمال الحالية، حيث يمكن الاستغناء عن القيادة، بمجرد زوال سبب الصراع -سواء أكان بسبب ملكية خاصة أم بسبب الدين- فحينها تصبح القيادة غير ضرورية، أو توزيعها بالتساوي بين الجماعة، وهذا لأن القيادة نتيجةٌ للمؤسسة وليست سببًا لها، أو أننا إذا تعاونَّا معًا نستطيع حل مشكلاتنا دون اللجوء لقائد، محاولين بهذا بدء عصر من القيادة الموزعة يكون الكل فيه قادة، أو لا حاجة إلى قيادة.
ورغم خطأ هذا التصور فإن له جذورًا قديمة، كمجتمعات الصيد والجمع الذي يتوزع فيها مقام القيادة ليتمكن أي فرد من قيادة رحلة الصيد أو الانتقال إلى منطقة جديدة وهكذا، حيث تتبنَّى هذه المجتمعات أنظمة القيادة الرسمية فقط حين تقهرها القوى الاستعمارية، فهي تحتفظ بعناصر القيادة، وحين نمر بعصر أمراء الحرب، وهو ما قبل الحقبة الصناعية وما ارتبط بذلك من تطور للمجتمعات من زراعية وصناعية نجد التغير أيضًا في شكل القيادة حتى الأشكال المؤسسية والإدارية واستبدال أمراء الحرب بقادة سياسيين وتجاريين وثقافيين وعسكريين.
أما القرن الحادي والعشرون فكان من الأفضل للعالم أن يلجأ للقيادة التعاونية بأنظمة حكمٍ ملائمة أكثر، وهو ما يجعلنا نقول إنه من الصعوبة بمكان العيش دون قيادة، إما بسبب الطبيعة المقدسة لها أو بسبب الكيفية التي تنسق بها الحياة الاجتماعية، وهذه الطبيعة المقدسة لها ثلاثة جوانب: أولًا الفصل بين المقدس وغيره، فممنوع الوصول إلى القائد مباشرةً أو بغير وسيط أو ارتداؤه ملابس معينة أو مظاهر تدل على الاختلاف، فبالقيادة آليات تضمن التباعد بين القائد والأتباع للحفاظ على الهيبة.
وثانيًا التضحية من أجل المصلحة العامة، وغالبًا ما تكون بتقديم كبش فداء، كالمدير الذي يستقيل أو من يستغني عن موظفي شركته، وثالثًا إسكات المعارضة والمخاوف، فلا يمكن تجاهل حقيقة إمكانية التلاعب بالقيادة أو الفساد، غير أن القيادة بجوانبها الثلاثة المقدسة لا يمكن الاستغناء عنها، والأفضل التركيز على آليات تضيف مسؤوليات للقادة وتجعلهم أكثر انخراطًا في الحياة واتصالًا بتابعيهم بدلًا من نبذها بالكلية.
الفكرة من كتاب القيادة: مقدمة قصيرة جدًّا
لم تتفق المؤلفات على تعريفاتٍ ورؤى محددة للقيادة على كثرتها، ويحاول الكاتب هنا النظر إلى القيادة من عدة زوايا، ومعرفة تاريخها، وهل هي مكتسبة أم فطرية؟ ليقدم بهذا مدخلًا نظريًّا مفيدًا للقيادة وأنواعها.
مؤلف كتاب القيادة: مقدمة قصيرة جدًّا
كيث جرينت Keith Grint: أستاذ القيادة العامة والإدارة بجامعة وارويك، وعمل قبلها أستاذًا في مجال قيادة الدفاع بجامعة كرانفيلد ووكيلًا لقسم القيادة والإدارة في جامعة ديفنس للإدارة والتكنولوجيا بأكاديمية الدفاع في شريفنهام.
له العديد من الكتب والمؤلفات، أبرزها:
القيادة التنظيمية.
سوسيولوجيا العمل.
القيادة: حدود واحتمالات.