هل للأفكار تأثير حقًّا؟!
هل للأفكار تأثير حقًّا؟!
الأفكار كما يقول “كونت” هي التي تحكم العالم، وبالنظر إلى التاريخ الإنساني نجد أن الأفكار كانت هي المتحكم الرئيس في مفاصل الحياة أجمع سياستها واقتصادها واجتماعها وأخلاقها وثقافتها وأديانها، وكان صداها يتعدَّى مرحلة المباحثات الفلسفية أو التأطير النظري انتهاءً إلى ميادين القتال وأروقة الساسة وبلاط القيادات.
وعند النظر إلى التاريخ الأوروبي نجد أن بفضل الأفكار فهناك الكثير من التشريعات وجدت طريقها إلى النور؛ ومنها إلغاء حكم الإعدام والسماح بالإجهاض الطوعي وانتشار الحريات العامة.
ولقد فطنت بعض الدول الغربية إلى أهمية الأفكار، وعهدت على مدار السنوات الماضية إلى دراستها وتحليلها وتكريس الأموال والإمكانيات لاستغلالها وتوظيفها بما يتوافق مع توجُّهاتها ومصالحها حتى ظهر ما يعرف عندهم “بمراكز الأفكار”، حيث أصبح للفكرة مراكز تهتم بصناعتها والترويج لها بطريقة يصعب على كثير من المراكز الإدارية التقليدية القيام بها.
وقد ظهرت مراكز الفكر بعد سلسلة من الحروب الدامية التي خاضتها أوروبا، ومنها الحربان العالميتان الأولى والثانية، فظهرت في فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية وفي المملكة المتحدة والولايات المتحدة منذ أواخر القرن التاسع عشر ومنذ بداية القرن العشرين، وهي تعتبر امتدادًا للصالونات الثقافية التي كانت منتشرة قبل القرن التاسع عشر في فرنسا وبعض الدول الأوروبية الكبرى.
وبعيدًا عن استغلالها من بعض القادة والممولين فلا تزال هذه المراكز حتى اليوم تشكِّل فارقًا جوهريًّا في إدارة الصراعات العالمية حول السياسة والاقتصاد متدخِّلة في توجيه أنماط المجتمع الأوروبي وحتى تصميم خدماته.
إلا أن أدوار هذه المراكز ترتفع معدلات خطورتها عندما تكون سببًا لإذكاء الحروب والنزاعات، فلا يزال مركز القرن الأمريكي الجديد “pnac” يفتخر بكونه المركز الفكري الوحيد الذي قاد بلاده إلى الحروب.
الفكرة من كتاب مراكز الفكر – أدمغة حرب الأفكار
كانت الأفكار ولا تزال محرك التاريخ الإنساني في مختلف مجالاته وفنونه، ومؤثرًا محوريًّا في شتى ظواهره وشؤونه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية والثقافية والدينية، حتى بلغ تأثيرها أبواب المختبرات والمجامع العلمية، عدا أنها كانت محركًا لحروب عدة ونزاعات دامية دامت سنواتٍ وعقودًا، فحكمت بطي صفحات من التاريخ وابتداء أخرى.
وسنجد في هذا الكتاب حديثًا مشابهًا عن أهمية الفكرة في إدارة الصراع؛ وكيف استفادت كثير من الدول الأوروبية من الأفكار؟ وكيف استطاعت من خلالها تغيير مسارات التاريخ مرات عديدة؟ وكيف تحوَّلت إلى مراكز ومؤسسات قائمة بذاتها تستقطب أطراف الصراع والتمويل، وتسوس القرار وتوجه مؤسسات المجتمع.
مؤلف كتاب مراكز الفكر – أدمغة حرب الأفكار
ستيفن بوشيه: مدير مساعد “Notre Europe”، وهو مركز فكر متخصِّص بالمسائل الأوروبية، وقد عمل مستشارًا لدى وزيرة النقل البلجيكية، ومستشارًا لأروقة الضغط في بروكسل ولندن، وأستاذًا محاضرًا في معهد العلوم السياسية في باريس.
مارتين رويو: صحفية اقتصادية، تعاونت مع وكالة الصحافة الفرنسية ومع “Nouvel Economiste” كرئيسة للقسم الخارجي ومراسلة، إضافة إلى عملها منسقة أعمال القطاع الفرنسي في منظمة العفو الدولية في البلقان.
معلومات عن المترجم:
ماجد كنج: مترجم، وله عدد من الكتب المترجمة الأخرى، ومنها: “مصادر الطاقة المستقبلية.. الهيدروجين وخلايا الوقود والتوقعات لكوكب أنظف” من تأليف: بيتر هوفمن.