هل كل شيء يتألَّف من جزيئات؟
هل كل شيء يتألَّف من جزيئات؟
يوضح فيليب بول أن جميع المواد (إلا داخل بعض البيئات الفيزيائية الفلكية الغريبة) تتكوَّن من الذرات، لكن هذه الذرات لا تتشكَّل دائمًا في صورة جزيئات، فمعظم الذرَّات شديدة التفاعلية، فهي لديها ميل إلى الارتباط مع ذرات أخرى، وتُعدُّ الجزيئات تجمُّعات من الذرات قد ارتبطت معًا في شكل اتحادات قد تحتوي على أي شيء، وقد تصل أعدادها إلى ملايين كثيرة.
ولا بدَّ أن نعي أمرًا مهمًّا وهو أن ارتباط الذرات في حالات المادَّة مُختلف، ففي الحجارة أو قطعة الحديد ترتبط الذرات كأنها كتيبة منظَّمة من الجنود، متلاصقة ومتقاربة، أما في الحالة السائلة كالماء مثلًا فتكون الذرات متجمِّعة في شكل جزيئات يتكوَّن كلٌّ منها من عدد محدد من الذرات، كأنه حشد هائل من أُسَر تتكوَّن كل أسرة منها من عدد من الأفراد متشابكي الأيدي.
كما تتخذ بعض العناصر النقية صورًا جزيئية، والبعض الآخر لا يفعل هذا، إذ إن الفلزات مثل الحديد غير جزيئية، في حين تكون اللا فلزات جزيئية؛ فالنيتروجين المتجمِّد مثلًا يتكوَّن من جزيئات، يحتوي كلٌّ منها على ذرتين، وفي الفوسفور تكوِّن الذرات مجموعات جزيئية من أربع، وفي الكبريت يمكن أن ترتبط الذرات في حلقات جزيئية من ثمانٍ.
إذًا فالجزيء يُعدُّ مفهومًا غير محدَّد تمامًا؛ إذ يعتمد على مسألة الحجم، وسبب الاهتمام بالجزيئات رغم عدم وضوح مفهومها هو أن الجزيئات هي الوحدات الأصغر من المادة “ذات المعنى” في علم الكيمياء؛ فعن طريق الجزيئات- لا الذرات- يمكن أن يحكي الإنسان قصصًا في العالم تحت المجهري، فالجزيئات بمنزلة الكلمات، والذرات هي الحروف، فالجزيئات كما الكلمات، يكون للنسق الذي تترتب به الأجزاء المكوِّنة أهميتُه؛ فمثلًا كلمتا “كلمات” و”لكمات” تختلفان في المعنى تمامًا رغم أنهما مكونتان من الحروف نفسها!
الفكرة من كتاب الجزيئات.. مقدِّمة قصيرة جدًّا
قد يكون من التعقيد أن تبحث في ماهية الجزيئات إذا أردتَ أن تبدأ سُلَّم العلم من درجة أكثر عمقًا ثم تصعد إلى أعلى، فتسعى إلى فَهم الأسباب الكامنة وراء سلوك الجزيئات، ومن ثمَّ أسباب إظهار المادة لتلك السلسلة المميَّزة من الخصائص، وكيفية تفاعل الجزيئات فيما بينها، يأخذك هذا الكتاب في رحلةٍ مُبسَّطة في رحاب هذا العلم المُمتع.
مؤلف كتاب الجزيئات.. مقدِّمة قصيرة جدًّا
فيليب بول Philip Ball: كاتِب علمي ومحررٌ استشاريٌّ ومقدم برامج تليفزيونية وإذاعية، وُلِد سنة 1962، حصل على شهادة في الكيمياء من جامعة أكسفورد، ودكتوراه في الفيزياء من جامعة بريستول، كما أنه كان محررًا لمجلة Nature لأكثر من 10 سنوات، يدرس مجموعة واسعة من المواضيع بما في ذلك دورة الأعمال، والمشي العشوائي، وقانون Zipf، ظاهرة العالم الصغير، والكتاب الأكثر شعبية له هو “الكتلة الحرجة: كيف تؤدي أحد الأشياء إلى الأخرى”، الحائز على جائزة Aventis لعام 2005 لكتب العلوم.
ومن أبرز مؤلفاته:
قصة الماء.
تصميم العالَم الجزيئي.
العناصر: مقدمة قصيرة جدًّا.